أخبار اليوم - محرر الشؤون السياسية - في خضمّ التوتر الإقليمي المتجدد، يعيد تقرير «غلوبال فاير باور» لعام 2025 فتح ملف المقارنة بين الجيشين الإسرائيلي والإيراني، كاشفًا عن توازن معقد يجمع بين التفوق النوعي والتفوق العددي في آنٍ معًا. التقرير يضع الجيش الإسرائيلي في المرتبة الخامسة عشرة عالميًا، يليه مباشرة الجيش الإيراني في المرتبة السادسة عشرة، ما يعني أنّ الفجوة في التصنيف العام تكاد تكون رمزية، فيما تنطوي التفاصيل على فروقات لافتة.
من حيث القوى البشرية، يمتلك الجيش الإيراني ما يقرب من تسعمائة وستين ألف جندي، وهو تفوق عددي واضح على نظيره الإسرائيلي الذي يضم نحو ستمائة وخمسة وثلاثين ألف عنصر. هذه الأفضلية البشرية تنعكس كذلك على مستوى العتاد البري؛ إذ تشير البيانات إلى امتلاك إيران ألفًا وسبعمائة وثلاث عشرة دبابة، مقابل ألف وثلاثمائة دبابة لدى إسرائيل، بالإضافة إلى خمسة وستين ألفًا وسبع مئة وخمسٍ وستين عربة مدرعة لدى طهران، مقابل خمسة وثلاثين ألفًا وتسع مئة وخمسٍ وثمانين عربة لدى تل أبيب.
لكن تفوق إيران العددي يقابله تفوق نوعي إسرائيلي في سلاح الجو. يضم الأسطول الجوي الإسرائيلي ستمائة وأحدى عشرة طائرة حربية متنوعة، من بينها مئتان وإحدى وأربعون مقاتلة وثمانٍ وأربعون مروحية هجومية، فيما تمتلك إيران خمسمائة وإحدى وخمسين طائرة، بينها مئة وست وثمانون مقاتلة وثلاث عشرة مروحية هجومية فقط. يتعزز هذا الامتياز النوعي بسقف إنفاق دفاعي مرتفع؛ إذ تبلغ الميزانية العسكرية الإسرائيلية ثلاثين مليارًا وخمسمئة مليون دولار سنويًا، أي أكثر من ضعف نظيرتها الإيرانية البالغة خمسة عشر مليارًا وخمسمئة وأربعين مليون دولار.
أما على المسرح البحري، فتبدو الصورة أكثر توازنًا: إيران تتفوق في عدد الغواصات بواقع خمسٍ وعشرين غواصة مقابل خمس غواصات لإسرائيل، في حين تحتفظ تل أبيب بأفضلية في الزوارق الدورية التي تصل إلى خمسٍ وأربعين سفينة، مقابل إحدى وعشرين سفينة دورية لطهران. هذا التفاوت في التشكيلة البحرية يعكس اختلافًا في العقيدة القتالية؛ فإيران تراهن على قدرات الغواصات الصغيرة وسلاح الزوارق السريعة في المياه الضحلة للخليج، بينما تركز إسرائيل على حماية خطوطها البحرية وضمان تفوقها النوعي في الاستخبارات والإنذار المبكر.
يلخّص التقرير المشهد بتوازن استراتيجي دقيق: إسرائيل ترجّح كفتها عبر التفوق الجوي والتقني والإنفاق العالي، في حين تعوّل إيران على الكتلة البشرية والقدرات البرية الواسعة وبعض العناصر البحرية غير المتناظرة. ولهذا يبقى السؤال «من الأقوى فعليًا؟» رهين الظروف الميدانية وسيناريوهات الاشتباك المحتملة أكثر مما هو رهين الأرقام المجردة، إذ إن كفاءة التدريب، وتسلسل القيادة، ونظم الدفاع الصاروخي، والدعم اللوجستي هي العوامل الحاسمة التي قد تحسم أي مواجهة محتملة بين القوتين.