الساكت: معبر حدودي خاص بالصادرات الأردنية إلى سوريا بات أولوية لفتح الأسواق وتعزيز صادراتنا الوطنية

mainThumb
المهندس موسى الساكت

09-07-2025 06:45 PM

printIcon


أخبار اليوم  – كشف المهندس موسى الساكت، عضو غرفة صناعة عمان، عن ضرورة إنشاء مركز حدودي متخصص للصادرات الأردنية إلى سوريا، في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وتزايد الطلب على السلع والمنتجات الأردنية في السوق السورية، خصوصًا مع بدء مرحلة إعادة الإعمار وعودة التبادل التجاري إلى مستويات أعلى من تلك التي كانت سائدة خلال سنوات الأزمة.

وأكد الساكت أن المعابر الحدودية الحالية، وفي مقدمتها معبر جابر-نصيب، لم تعد قادرة على تلبية الاحتياجات اللوجستية والفنية المتزايدة للقطاع التصديري الأردني، مشيرًا إلى أن حجم الصادرات إلى سوريا يشهد ارتفاعًا تدريجيًا، في وقت لا تزال فيه القدرة الاستيعابية للمعابر دون المستوى المطلوب، وهو ما ينعكس سلبًا على تنافسية المنتج الأردني وقدرته على الالتزام بالعقود والشروط الزمنية المفروضة في سوق يعاد هيكلتها بوتيرة سريعة.

وأضاف أن البنية التحتية للمعبر الحالي لم تُصمّم هندسيًا لتكون نقطة عبور استراتيجية للحركة التجارية ذات الطابع المكثف، وإنما كانت تخدم في الأساس حركة محدودة قبل الأزمة، ولم تُحدّث لتتناسب مع التحولات التي فرضتها المتغيرات الإقليمية والفرص الجديدة الناشئة عن انفتاح الاقتصاد السوري نسبيًا على محيطه.

وأوضح الساكت أن جزءًا كبيرًا من الشركات الأردنية العاملة في القطاعات الصناعية، وقعت عقودًا تصديرية مباشرة مع شركاء سوريين خلال الفترة الماضية، بدعم من التفاهمات الرسمية بين عمان ودمشق، وتنسيق القطاع الخاص الذي بدأ يتحرك بشكل مستقل ضمن أطر مشروعة لاقتناص الفرص.

وفي المقابل، أشار إلى أن السوق الأردنية باتت أيضًا وجهة لاستثمارات سورية مباشرة وغير مباشرة، إذ أن عددًا من رجال الأعمال السوريين المقيمين في الأردن يديرون عمليات صناعية داخل المملكة، ويملكون في الوقت ذاته أصولًا إنتاجية في سوريا، ما يجعل من حركة السلع بين البلدين متطلبًا موضوعيًا لضمان استدامة سلاسل التوريد والتوزيع.

وبيّن الساكت أن المعوقات اللوجستية الناجمة عن محدودية البنية الحدودية الحالية لا تقتصر على الشحن الأردني فقط، بل تمتد إلى السلع العابرة (الترانزيت) القادمة من دول الخليج عبر الأردن باتجاه سوريا ولبنان، وهو ما يؤدي إلى ازدحام غير مبرر، وتأخير متكرر، وارتفاع الكلف التشغيلية على الشركات المصدّرة، سواء من حيث الوقود أو أجور الانتظار.

وأكد أن هذا الوضع ينعكس بشكل مباشر على الميزان التجاري بين الأردن وسوريا، والذي لا يزال يعاني من اختلالات في الاتجاهين، مشيرًا إلى أن تعثر سلاسة الانسياب التصديري يضعف من فرص تحسين أداء الصادرات الوطنية، ويحرم الأردن من استثمار نقاط قوته في الصناعات الوسيطة والنهائية التي تملك قدرة تنافسية في السوق السورية، لا سيما في ظل الحاجة المتزايدة لإعادة إعمار البنى التحتية والمؤسسات الإنتاجية هناك.

وحول الحلول المقترحة، شدد الساكت على أهمية تبني مقاربة مؤسسية شاملة، تبدأ بإنشاء مركز حدودي متخصص للصادرات الأردنية إلى سوريا، مزوّد بساحات تحميل وتخزين، ومنشآت لوجستية متقدمة، ووحدات فحص جمركي ومختبرات، بما يضمن تقليص زمن التخليص، وتحقيق انسيابية عالية في حركة الشحن، واستيعاب الزيادة المتوقعة في تدفق البضائع.

كما دعا إلى تسريع التنسيق الفني بين السلطات الجمركية في البلدين لإطلاق نافذة إلكترونية موحدة، تُدار من خلال منصة تكامل إجرائي، تتيح تسجيل الشحنات مسبقًا، وتسهّل مراجعة الوثائق والفواتير، بما يُسهم في ضبط الحركة التجارية، ويُقلّص من الهدر الزمني والازدواجية في الإجراءات.

وأضاف أن الفرصة سانحة أمام الحكومة الأردنية لاستثمار الزخم الدبلوماسي والاقتصادي في العلاقة مع سوريا، وتحويله إلى مكسب تنموي من خلال تطوير أدوات الربط التجاري، داعيًا إلى إدراج ملف المعبر الحدودي الجديد ضمن أولويات التعاون الاقتصادي الثنائي، باعتباره أحد المداخل الأساسية لتعزيز الأمن الاقتصادي، وتحسين بيئة الاستثمار، ورفع مستويات التشغيل.

وفي السياق ذاته، شدد الساكت على أن بناء شراكة استراتيجية مع الاقتصاد السوري لا يجب أن يكون مدفوعًا بالجانب السياسي فقط، بل أن يتم تخطيطه بناءً على دراسات سوق، ومصالح قطاعية متبادلة، ومؤشرات أداء قابلة للقياس، معتبرًا أن الاعتماد على اللقاءات الرمزية والصور الدبلوماسية لا يكفي لتأسيس علاقة اقتصادية منتجة.

وأوضح أن التطوير الحقيقي للعلاقات الاقتصادية يتطلب وجود جهاز إداري متخصص على مستوى الدولة، يتولى إدارة الملف الاقتصادي الأردني-السوري ضمن رؤية متكاملة، ويتابع تنفيذ مشاريع البنية التحتية، وتحفيز القطاع الخاص على الدخول إلى السوق السورية بطريقة منظمة، مع ضمان حماية حقوقه والتزاماته التعاقدية.

وختم المهندس موسى الساكت حديثه بالتأكيد على أن إنشاء مركز حدودي متكامل للصادرات الأردنية إلى سوريا لم يعد خيارًا تكتيكيًا، بل ضرورة استراتيجية تمليها التطورات الجيو-اقتصادية، والمصالح الصناعية الوطنية، مشيرًا إلى أن الأردن إذا أراد أن يكون فاعلًا إقليميًا في مرحلة ما بعد الصراع، فعليه أن يبدأ من حيث تمرّ الشاحنات ويُصاغ الواقع الاقتصادي: من الحدود.