أخبار اليوم - في رابع أيام حرب الإبادة على قطاع غزة، كانت سندس زقوت، (28 عامًا)، في قلب مأساة لم تحلم بها، حين استشهد أحد أقاربها في مخيم النصيرات، فتوجهت مع العائلة لتقديم التعازي. لكن الرعب لم يتوقف، فظل القصف يزداد ضراوة، وقررت العائلة البقاء في بيت الأقارب خوفًا من المخاطر.
في الثاني من ديسمبر 2023، وفي منتصف الليل، فاجأ صاروخ إسرائيلي منزلهم، تقول سندس بصوت متهدج لصحيفة "فلسطين": "وقع عامود أسمنتي على قدمي، واشتبكت خصل شعري في الركام والاسمنت، لم أكن أعي ما حدث، ظننت أنني في كابوس لا أستطيع الاستيقاظ منه".
وتضيف: "سمعت أحد الجيران يقول: أبو محمد فيه نفس، وكان والدي تحت الركام. لم أكن أعرف إنهم استشهدوا".
وبعد دقائق ثقيلة مرت عليها جاءت فرق الإسعاف لأجل انتشال الشهداء وإسعاف الجرحى، وتقدم مسعف نحوها قائلاً: "ساعديني لكي أتمكن من إخراجك"، اضطرت لقطع أجزاء من شعرها ليتمكنوا من رفعها من تحت الأنقاض، وعندما دخلت سيارة الإسعاف، فقدت سندس وعيها.
استيقظت وهي في المستشفى، كانت تسأل من حولها بارتباك: "شو صار؟ أنا وين؟ وين أهلي؟ كيف هما؟" حاول الطاقم الطبي وذويها طمأنتها، مؤكدين أن الجميع بخير رغم كل شيء.
تلك اللحظات تركت في نفسها أثراً عميقاً من الخوف والحيرة، لكنها تشكل بداية رحلة صمودها الطويلة وسط ويلات الحرب.
ففي اليوم الرابع علمت أن والدها ووالدتها وشقيقتها ريم قد استشهدوا في المجزرة لتزداد معاناتها النفسية والجسدية، عدا عن عمها وبناته، فقد وقعضحية هذه المجزرة 11 شهيد عدا عن الإصابات.
وفي اليوم الخامس، قرر الأطباء بتر قدمها اليسرى من فوق الركبة، بعدما ساءت حالتها على إثر تعرضها لإصابات خطيرة، كما فقدت الرؤية بشكل كامل في إحدى عينيها، فيما أجريت لقدمها اليمنى عملية لتركيب بلاتين خارجي. تقول: "كانت قدميّ مليئتين بالشظايا، والوجع لا يفارقني، ولكن الألم النفسي أصعب".
وتتابع حديثها: "كنت أعيش بين وجع الفقد ووجع الإصابة، أنام وأفيق على وجع الذكريات وعمليات تنظيف الالتهابات، أحسست وكأنني أعيش موتًا مستمرًا".
رغم هذه المآسي، تحلم سندس باستكمال مشوارها العمل في مجال تربية اللغة الإنجليزية، مؤكدة: "كنت أتمنى أن أكمل حياتي بشكل طبيعي، أن أدرس وأحقق أحلامي، لكن الحرب خطفت مني كل شيء".
الفراغ الذي تركته الخسائر الكبرى، وخاصة فقدان شقيقتها ريم، ما زال يثقل على قلبها، "كانت قريبة مني جدًا، ورحيلها ترك في قلبي جرحًا عميقًا لا يندمل".
فحال سندس ما هو إلا مرآة لمأساة آلاف العائلات في غزة، التي فقدت أحبابها وأجسادها وأحلامها في ويلات الحرب، لكنها رغم كل شيء لا تزال تحمل بصيص أمل في غد أفضل.
فلسطين أون لاين