الغزيون يتحدّون مخطط التهجير ويرفضون النزوح القسري

mainThumb
الغزيون يتحدّون مخطط التهجير ويرفضون النزوح القسري

28-08-2025 09:39 AM

printIcon

أخبار اليوم - على الرغم من التهديدات المتكررة من جيش الاحتلال الإسرائيلي، يواصل عدد كبير من العائلات الفلسطينية في قطاع غزة، وتحديدًا في مدينة غزة وشمال القطاع، التمسك بمنازلهم ورفض دعوات الاحتلال المتكررة للنزوح نحو ما تُسمّى "المناطق الآمنة"، التي تتعرض للقصف بشكل مستمر، ما يعزز قناعة الأهالي بأنها ليست آمنة كما يُروَّج لها.

وتُظهر شهادات المدنيين التي التقت بهم صحيفة "فلسطين" حجم الكارثة الإنسانية، وحالة التحدي والصمود التي يعيشها الغزيون، إذ يعتبر كثير منهم أن النزوح المتكرر لا يحميهم من الخطر، بل قد يعرّضهم له أكثر، خصوصًا في ظل استهداف الاحتلال لمناطق سبق أن صنّفها بنفسه كمناطق "آمنة".

تضليل دولي

يقول المواطن فريد نوفل، من شرق حي أبو اسكندر بمدينة غزة، إنه لن يغادر منزله رغم التهديدات.

ويضيف لصحيفة "فلسطين": "الاحتلال يدّعي وجود مناطق آمنة، لكنه لم يتوقف منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر 2023 عن قصف هذه المناطق واستهداف النازحين فيها. لا توجد حماية حقيقية، وما يُسمّى بالمناطق الإنسانية ليس إلا خدعة لتضليل الرأي العام الدولي، بينما الواقع مختلف تمامًا".

ويشير نوفل إلى أن عشرات العائلات التي نزحت إلى ما يُعرف بمنطقة المواصي غرب خان يونس تعرضت للقصف هناك، مؤكدًا أن الاحتلال لم يحترم حتى المخيمات التي نُصبت لاستيعاب النازحين، ما أدى إلى سقوط آلاف الشهداء من النساء والأطفال.

أما المواطن محمود مقاط، الذي يسكن في الجوار، فقد اضطر إلى مغادرة منزله خلال الأيام الأولى من العدوان على الحي، ونزح إلى الجنوب كما طلبت سلطات الاحتلال، لكنه وبعد أيام قليلة من نصب خيمته هناك، تعرضت المنطقة لهجوم إسرائيلي أودى بحياة العشرات من المدنيين.

ويقول مقاط: "ظننا أننا وجدنا ملاذًا آمنًا، لكننا كنا أهدافًا سهلة تحت مرأى العالم. لم يعد هناك فرق بين النزوح والبقاء، فكلا الخيارين يعني الوقوع تحت القصف".

ويضيف: "تنقلت مع أسرتي من محافظة إلى أخرى جنوب القطاع بحثًا عن الأمان، لكننا لم نجده، واليوم قررت العودة إلى منزلي، وسأبقى هنا مهما كان الثمن. لم يعد هناك مكان آمن في غزة، فالجميع تحت مرمى نيران الاحتلال، ولن نغادر مدينتنا التي نحبها".

مخطط التهجير

من جانبه، يحاول المواطن إبراهيم الغندور (35 عامًا) العودة إلى منزله في منطقة أبو اسكندر للاطمئنان عليه بعد أن أصابه قصف إسرائيلي جزئيًا قبل أيام.

ويؤكد الغندور أن النزوح لن يكون خيارًا له مجددًا، موضحًا: "النزوح هدف إسرائيلي بحد ذاته، يريدون منا مغادرة غزة لتمكينهم من تنفيذ مخطط التهجير وتفريغ المدينة من سكانها. النزوح ليس مجرد إجراء احترازي بل مشروع استيطاني خبيث".

ويضيف: "منذ بداية الحرب نزحت إلى جنوب القطاع، لكنني رأيت الموت هناك كما في أي مكان آخر، فجيش الاحتلال لم يتوقف عن قصف أي منطقة، بما فيها تلك التي دعا الناس للتوجه إليها".

ويردف: "سأبقى هنا في مدينة غزة، وسأموت هنا إن لزم الأمر، ولن أكون جزءًا من أي خطة تهجير جماعي".

هؤلاء المواطنون ليسوا حالات فردية، بل هم جزء من مشهد عام يلخّص طبيعة التحدي الذي يخوضه الغزيون يوميًا؛ إذ لم تفلح كل وسائل الترهيب والضغط في دفعهم لترك بيوتهم. فالكثيرون يرون في تمسكهم بمنازلهم موقفًا وطنيًا، يرفض الاستسلام للإملاءات الإسرائيلية الرامية إلى كسر الإرادة الفلسطينية وفرض أمر واقع جديد في القطاع.

ويتساءل أحد السكان: "إلى أين نذهب؟ لا توجد منطقة آمنة في غزة، فالجميع مستهدف. النزوح اليوم هو بداية مشروع اقتلاعنا من أرضنا، ونحن نرفض ذلك. نفضّل الموت في منازلنا على أن نعيش في خيام تنتظر القصف في أي لحظة".

في ظل استمرار العدوان، يبقى أهالي غزة مثالًا للصمود الاستثنائي، لا تغيّره صواريخ الاحتلال ولا سياسات التهجير القسري، فخيارهم الواضح هو البقاء في أرضهم، والتمسك بمنازلهم، ورفض الانصياع لرواية المحتل، حتى لو كلّفهم ذلك أرواحهم.

فلسطين أون لاين