أخبار اليوم - يتلهف ترامب على الحصول على جائزة نوبل للسلام. هو يحسد سلفه باراك أوباما الذي حصل على هذه الجائزة الفاخرة بعد بضعة أشهر على انتخابه وبدون إظهار أي إنجازات. “أنا أستحق الجائزة، لكن من المحتمل أنهم لن يمنحوني إياها”، هكذا تذمر في لقائه مع نتنياهو في شباط. وفي وقت سابق، في الحملة الانتخابية، قال المرشح ترامب: “لو سموني أوباما لحصلت على جائزة نوبل خلال ثوان”.
الرئيس لا يكتفي بتوجيه الإهانات، بل ينشغل بتجنيد التأييد. فقد جمع الآن توصية بالجائزة من نتنياهو ورئيس الباكستان ورئيس كمبوديا، الذين أثنوا عليه في لجنة التحكيم في النرويج. لقد جند جماعة ضغط في أوسلو، وفوق كل ذلك يتفاخر بأنه حل سبعة نزاعان منذ توليه لمنصبه في كانون الثاني، أي بمعدل حرب كل شهر. طموحه يزداد ويتجاوز الحصول على جائزة نوبل. وقال في مقابلة مع “فوكس نيوز” في الشهر الحالي: “أريد الذهاب إلى الجنة”.
قائمة الحروب التي يتفاخر ترامب بإنهائها أو منعها تشمل أرجاء العالم: أرمينيا وأذربيجان، الهند وباكستان، إسرائيل وإيران، كمبوديا وتايلاند، الكونغو ورواندا، مصر وأثيوبيا، وعلى رأسها روسيا وأوكرانيا، التي يحاول ترامب التوسط بين زعمائها.
الرئيس كالعادة يبالغ في إنجازاته، لكنه يلبي معايير مؤسس الجائزة ألفريد نوبل: “الدفع قدماً بالأخوة بين الشعوب” و”عقد والدفع قدماً بمؤتمرات السلام”، والأهم أنه جعل السلام شيئاً مرغوباً فيه. ها هو في النهاية زعيم يتفاخر بتهدئة النزاعات وليس تحقيق “الانتصار المطلق”، زعيم يريد ميدالية السلام وليس وسام بطولة عسكري.
صورة ترامب أثرت أيضاً على نظيره الإسرائيلي نتنياهو، الذي وعد مؤخراً بـ “توسيع جذري لاتفاقات السلام”، هذا تجديد منعش في الخطاب العام بعد سنوات امتنع فيها السياسيون في إسرائيل عن لفظ كلمة “سلام”، على اعتبار أنها تعبر عن الضعف والانهزامية. ويمكن التخمين بأن نتنياهو يعمل بجهد على لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في الشهر القادم، وإعلان مشترك عن اتفاق أمني يتم تقديمه كإنجاز كبير لترامب، الأمر الذي سيزيد فرصته في لجنة نوبل.
في الحرب بين إسرائيل والفلسطينيين، التي جبت وتجبي عدداً كبيراً من الضحايا، مقارنة مع النزاعات الأخرى في العالم، ها هو ترامب يفشل فشلاً ذريعاً. عندما تسلم منصبه، فرض على إسرائيل وقفاً لإطلاق النار وصفقة جزئية لتبادل المخطوفين مع حماس. بعد ذلك، وعد عدة مرات بأن الحرب في الطريق إلى الانتهاء، لكنه على الأرض أعطى نتنياهو يداً حرة لاستئناف وتصعيد الحرب في غزة، وتعميق الاحتلال في الضفة الغربية. وقد تمسك بموقفه أيضاً إزاء التقارير عن الجوع الفظيع والموت بسبب سوء التغذية في غزة، ومحو المدن الفلسطينية هناك والإعداد لطرد سكانها إلى إفريقيا وإندونيسيا.
أيضاً قرار بناء المستوطنات في منطقة إي1، الذي يهدف إلى تقسيم البلاد إلى دولتين، استقبل بالموافقة في واشنطن. ترامب يعرف كيفية قول “لا” للربيبة الإسرائيلية. فقد أوقف محاولة نتنياهو إسقاط النظام في إيران، وكبحه في سوريا ولبنان. ولكن دعمه المطلق لحرب التدمير الإسرائيلية ضد الفلسطينيين تضع وصمة سوداء على صورته كمحب للسلام. لذلك، بدلاً من أن تغريه جماعة الضغط في البيت الأبيض، فإن لجنة جائزة نوبل للسلام يجب إعطاؤها في هذه السنة للأطباء الفلسطينيين والأجانب الذين يناضلون تحت قصف الجيش الإسرائيلي في ظروف غير محتملة لإنقاذ أطفال غزة، الذين يعانون بسبب الجوع، والذين تم بتر أطرافهم وأعضائهم المهشمة.