غزة .. الخُدّج والمرضى في مواجهة آلة عدوان الاحتلال

mainThumb
غزة.. الخُدّج والمرضى في مواجهة آلة عدوان الاحتلال

09-10-2025 09:29 AM

printIcon

أخبار اليوم - ما إن عصفت الحرب الإسرائيلية بقطاع غزة، وامتدت أنياب المجاعة إلى كل زاوية فيه، حتى ارتفعت أعداد المرضى والجوعى والمصابين بسوء التغذية الحاد، وبرزت معاناة الأطفال الخدّج إلى الواجهة، وتفاقم هذا المشهد الإنساني القاتم نتيجة الممارسات اللاأخلاقية التي ينتهجها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق المرضى والمدنيين، ولا سيّما النساء الحوامل، إذ يُحرمن من أبسط حقوقهنّ الطبيعية في الغذاء والدواء والرعاية الصحية السليمة خلال فترة الحمل.

فخلال عدوان الاحتلال توفي أكثر من 460 بسوء التغذية في القطاع منهم 154 طفلًا، بينهم 63 حالة فقط في شهر يوليو تموز منهم 24 طفلًا تحت سن الخامسة، حيث يعد أكثر شهرًا فتكًا للأطفال بسبب سوء التغذية، فقد توفي 24 طفلًا تحت الخامسة من إجمالي حالات الوفاة المرتبطة بسوء التغذية حتى ذلك الوقت.

وخلال شهر أيار/مايو الماضي وحده، استقبلت مراكز التغذية في قطاع غزة 5,119 طفلًا تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر وخمس سنوات، لتلقي العلاج من سوء التغذية الحاد الناتج عن سياسة التجويع التي تفرضها سلطات الاحتلال. وبين هؤلاء، سُجّل 636 طفلًا مصابًا بـ سوء تغذية حاد وشديد (Severe Acute Malnutrition – SAM)، وهو أخطر أشكال سوء التغذية التي تهدد حياة الأطفال بشكل مباشر، ما يعكس عمق الكارثة الصحية التي يعيشها القطاع في ظل استمرار الحصار ونقص المساعدات.

ورصد خلال تموز يوليو ما يقارب 12,000 طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد وهو أعلى عدد شهري مسجَّل حتى الآن، من بينهم، حوالي 2,500 طفل في حالة سوء تغذية شديدة.

وأشار تقرير للأمم المتحدة إلى أن من بين 56,440 طفلًا تم فحصهم في أوائل يوليو في خان يونس ومدينة غزة ووسط القطاع، حوالي 5,000 طفل كانوا يعانون من سوء تغذية حاد، أي حوالي ما يقارب 9٪ من الأطفال المفحوصين، منهم 838 طفلًا كانوا في حالة سوء تغذية حاد شديد (حوالي 1.5٪ من المفحوصين).

أما في محافظتي غزة والشمال رفع مستوى سوء التغذية حدةً في آذار مارس 2024، تمّ الإبلاغ أن 1 من كل 3 أطفال تحت سنتين يعانون من سوء تغذية حاد في شمال القطاع، وفي آب أغسطس من العام الجاري كشفت عمليات الفحص أن 1 من كل 5 أطفال يُعانون من سوء تغذية حاد، وهو رقم متجاوز لسجل يوليو السابق.

وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، يُقدَّر معدل وفيات الأطفال الخدّج (حديثي الولادة) في قطاع غزة بنحو 8.8 وفيات لكل ألف مولود حي في ظل الظروف الراهنة، وهو معدل مرتفع مقارنة بالدول ذات مستويات المعيشة الجيدة، ما يعكس حجم التدهور الحاد في الخدمات الصحية وظروف الولادة الآمنة داخل القطاع.

بينما تقرير أكاديمي في مجال الصحة، أشار إلى أن نسبة وفيات الأطفال تحت 5 سنوات في غزة كانت قد انخفضت إلى حوالي 14.3 وفاة لكل 1000 طفل في الفترة التي سبقت تصعيد عدوان الاحتلال.

وفي دراسة طبية نُشرت حول وحدات العناية المركزة لحديثي الولادة في مستشفيات قطاع غزة، أُشير إلى أن المستشفيات التي تستقبل الحالات الحرجة المحوّلة من مرافق أخرى سجّلت معدل وفيات بلغ 21.5% بين الأطفال الخُدّج، وهي نسبة مرتفعة تعود إلى خطورة الحالات التي تُحوَّل إلى هذه المستشفيات، وليس بين المواليد العاديين.

وخلال النصف الأول من العام الجاري، وثّقت وكالة الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) وفاة ما لا يقل عن 20 مولودًا خلال الساعات الأربع والعشرين الأولى بعد الولادة، نتيجة تدهور الخدمات الطبية ونقص الرعاية المتخصصة. كما أشارت الوكالة إلى أن نحو 33% من المواليد الجدد، أي ما يُقارب 5,560 مولودًا خلال الفترة ذاتها، وُلدوا ولادة مبكرة أو كانوا منخفضي الوزن، أو احتاجوا إلى دخول وحدات العناية المركزة لحديثي الولادة بسبب حالتهم الصحية الحرجة.

وقالت المصادر طبية إن إجمالي عدد الوفيات الناجمة عن التجويع ارتفع إلى 457 شهيدًا من بينهم 152 طفلًا، مؤكدة أنه منذ إعلان تصنيف المجاعة في قطاع غزة من قِبل (IPC) في 22 آب/ أغسطس الجاري سُجّلت 179 حالة وفاة بينهم 37 طفلًا.

وكان تصنيف دولي لانعدام الأمن الغذائي تشارك فيه الأمم المتحدة، أكد حدوث المجاعة في محافظة غزة وتوقع انتشارها إلى محافظتي دير البلح وخان يونس بنهاية أيلول/ سبتمبر الماضي.

وأشار التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي إلى أن أكثر من نصف مليون شخص في قطاع غزة يواجهون ظروفا كارثية أي المرحلة الخامسة من التصنيف، ومن خصائصها الجوع الشديد والموت والعوز والمستويات الحرجة للغاية من سوء التغذية الحاد

وقال المتحدث باسم منظمة اليونيسف جيمس إلدر إن الوضع في غزة أسوأ من أي وقت مضى وإن المنطق المفروض على سكان القطاع وحشي ومتناقض، مجددا التأكيد على عدم وجود مكان آمن في غزة.

وأشار إلى أن مدينة غزة ما زالت موطنًا لعشرات الآلاف من الأطفال الذين يعيشون وسط الركام والموت. أطفال حفاة يدفعون أجدادهم على كراسٍ متهالكة بين الأنقاض، وآخرون مبتورو الأطراف يكافحون للوقوف وسط الغبار، فيما تحمل الأمهات أطفالًا منهكين وقد تقرّح جلدهم من شدّة الطفح الجلدي وسوء التغذية. وبينما تهزّ غارات الاحتلال أركان المدينة، يرتجف الأطفال خوفًا ثم يرفعون أبصارهم إلى السماء، يحاولون تتبّع النيران المنبعثة من المروحيات والطائرات المسيّرة التي تلاحقهم بلا رحمة.

يُذكر أن الاحتلال، وخلال العامين الماضيين من العدوان على قطاع غزة، ارتكبت انتهاكات جسيمة ترقى إلى جرائم حرب، تمثلت في قتل الأطفال والنساء والآباء والأمهات، وإبادة آلاف الأسر الفلسطينية بالكامل من السجل المدني. كما حوّلت كل زاوية في غزة إلى مأتم مفتوح، واستهدفت النساء الحوامل والمرضى وكبار السن، وأزهقت أرواح المدنيين وشرّدت مئات الآلاف منهم في انتهاك صارخ لكل القوانين والأعراف الإنسانية والدولية.