أخبار اليوم - استبعد الإنجليزي ستيفن جيرارد نفسه من قائمة المرشحين لتدريب رينجرز الاسكتلندي، ليضع بذلك حدًا للشائعات حول عودته للفريق، الذي بدأ الموسم الحالي بشكل متعثر.
وكان جيرارد، البالغ من العمر 45 عامًا، أبرز المرشحين لخلافة المدرب المقال راسل مارتن، لكن وفقًا لوكالة الأنباء البريطانية، فقد رأى أسطورة ليفربول - بعد مناقشات بناءة مع إدارة رينجرز - أن توقيت العودة إلى ملعب "آيبروكس" غير مناسب حاليًا، رغم العلاقة القوية التي تجمعه بالنادي وجماهيره.
وأشارت التقارير إلى أن المحادثات بين الطرفين كانت إيجابية للغاية، وأن إدارة النادي تبدي تقديرًا كبيرًا لما قدمه جيرارد خلال فترته السابقة، وأن الجانبين اتفقا على إبقاء الباب مفتوحًا أمام إمكانية التعاون مستقبلًا، إذا ما توافرت الظروف الملائمة.
وجاءت إقالة مارتن في نهاية الأسبوع الماضي، بعد أربعة أشهر فقط من توليه المهمة، إذ فاز الفريق في مباراة واحدة فقط، من أول سبع جولات بالدوري الاسكتلندي الممتاز، وهو ما جعل إدارة النادي تتحرك سريعًا لتدارك الموقف.
ويُعد جيرارد أحد أبرز الأسماء في تاريخ رينجرز الحديث، فقد قاد الفريق للتتويج بلقب الدوري موسم 2020-2021 دون أي خسارة، وهو اللقب الأول للنادي منذ الأزمة المالية الخانقة التي عصفت به عام 2012، وأدت إلى هبوطه إلى الدرجات الأدنى.
ورحل جيرارد عن رينجرز بعد ثلاث سنوات ناجحة، تولى خلالها القيادة الفنية للفريق، ليبدأ تجربة جديدة في الدوري الإنجليزي الممتاز مع أستون فيلا، قبل أن يتولى تدريب الاتفاق السعودي في يوليو 2023، في واحدة من أبرز الصفقات التدريبية في الشرق الأوسط.
وفي مقابلة حديثة عبر بودكاست "ريو فيرديناند برزنتس"، قال جيرارد: "أشعر بأن لدي بعض الأمور غير المنتهية في مسيرتي التدريبية. أرغب في العمل مع نادٍ ينافس على الألقاب، لأن هذا يتناسب مع طبيعتي وطموحي".
مسيرة حافلة
ويُعد ستيفن جيرارد من أكثر اللاعبين تأثيرًا في تاريخ كرة القدم الإنجليزية. وقد وُلد في 30 مايو 1980، في مدينة ويستون بمقاطعة ميرسيسايد، وبدأ مسيرته الكروية في أكاديمية ليفربول وهو في التاسعة من عمره، عام 1989.
ورغم إصابته في طفولته بعيب خلقي في القدم، كاد أن ينهي حلمه مبكرًا، إلا أن إصراره وعزيمته جعلاه يتجاوز كل العقبات.
في عام 1998، شارك جيرارد لأول مرة مع الفريق الأول لليفربول، وسرعان ما أثبت أنه موهبة فريدة في خط الوسط، بفضل رؤيته الثاقبة للملعب، وقدرته على تمرير الكرات الدقيقة والتسديدات القوية بعيدة المدى. ولعب جيرارد 504 مباريات بقميص ليفربول، وسجل 120 هدفًا، وحقق 10 بطولات كبرى مع النادي.
وكانت أبرز لحظات مسيرته، تلك الليلة التاريخية في إسطنبول عام 2005، عندما قاد ليفربول لتحقيق واحدة من أعظم الريمونتادات في تاريخ كرة القدم، بعد تأخر الفريق بثلاثة أهداف أمام ميلان في نهائي دوري أبطال أوروبا، قبل أن يعود ويحقق اللقب بركلات الترجيح.
وارتدى جيرارد قميص المنتخب الإنجليزي في 114 مباراة دولية، وسجل 21 هدفًا، وشارك في ثلاث بطولات كأس عالم، وأربع بطولات يورو. وكان دومًا القلب النابض لمنتخب "الأسود الثلاثة"، واشتهر بقدرته على قيادة زملائه في أصعب اللحظات، رغم فشل المنتخب في تحقيق ألقاب كبرى خلال حقبته.
من الملاعب إلى مقاعد التدريب
بعد مسيرة مليئة بالإنجازات، انتقل جيرارد إلى نادي لوس أنجلوس جلاكسي الأمريكي في عام 2015، ثم أنهى مشواره كلاعب في 2016، ليبدأ بعدها مسيرته التدريبية في أكاديمية ليفربول، ثم تولى تدريب رينجرز في 2018، ليقود الفريق بعد ثلاث سنوات إلى لقب الدوري دون هزيمة.
وفي نوفمبر 2021، تولى تدريب أستون فيلا، ونجح في إنقاذ الفريق من الهبوط خلال موسمه الأول، قبل أن يُقال في منتصف موسم 2022-2023.
بعد ذلك، خاض تجربة جديدة مع الاتفاق السعودي، حيث سعى لتطبيق فلسفته الهجومية، والاعتماد على اللاعبين الشباب.
وحصد جيرارد العديد من الجوائز الفردية، أبرزها جائزة أفضل لاعب في إنجلترا عام 2006، كما دخل قاعة مشاهير الدوري الإنجليزي عام 2021، ونال وسام الإمبراطورية البريطانية تقديرًا لإسهاماته في كرة القدم.
ويُعتبر جيرارد من رموز الوفاء في كرة القدم العالمية، إذ رفض عروضًا مغرية من أندية كبرى مثل ريال مدريد وتشيلسي وباريس سان جيرمان، مفضلًا البقاء في "أنفيلد"، حيث تربى وأصبح أحد أعظم قادته عبر التاريخ.
لم يكن جيرارد مجرد لاعب وسط عادي، بل كان قائدًا استثنائيًا يجمع بين الموهبة والإخلاص. امتاز بقدرته على حسم المباريات بتسديدة، أو تمريرة حاسمة، أو تدخل دفاعي في اللحظات الحرجة.
حتى بعد اعتزاله، ظل جيرارد حاضرًا في ذاكرة جماهير ليفربول ورينجرز، مؤمنًا بأن القيادة لا تنتهي بانتهاء المسيرة كلاعب، بل تستمر كرسالة ومسؤولية تجاه الجيل الجديد من اللاعبين، الذين يعتبرونه نموذجًا يُحتذى به في الالتزام والولاء والعزيمة.