أخبار اليوم - بفضل قوامه الذائب واللزج، ومذاقه اللذيذ، ونكهته الغنية، يُعدّ الجبن، بطبيعة الحال، أحد الأطعمة المفضلة عالمياً. تُقدّم مطابخ العالم هذا المنتج المحبوب، الذي يعود تاريخه - حرفياً - إلى ما لا يقل عن 7 آلاف عام.
في الوقت الحاضر، نعلم بالطبع أن الإفراط في تناول بعض العناصر الغذائية في الجبن - وخاصة الصوديوم والدهون المشبعة - ليس مفيداً جداً لبعض المشاكل الصحية. وقد تُشكّل الكميات الكبيرة من كليهما مشكلة خاصة للأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب. وبما أن نحو 45 في المائة من الأميركيين يعانون من هذه الحالة، فمن الجدير التساؤل عما إذا كان حبنا الجماعي للجبن يضرّ قلوبنا أكثر مما ينفعها.
فكيف يُؤثّر تناول الجبن يومياً على مستويات ضغط الدم لديك؟
ما تشير إليه الأبحاث
عندما يتعلق الأمر بالجبن وارتفاع ضغط الدم، لا تشير جميع الدراسات العلمية إلى النتيجة نفسها.
أظهر بعض الدراسات أن الدهون المشبعة، التي عادة ما تكون مرتفعة في معظم أنواع الجبن، يمكن أن تزيد من مستويات الكولسترول والدهون الثلاثية، مما يزيد من خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم. كما أن ارتفاع نسبة الملح في الجبن بشكل عام يُثير القلق؛ لأن الصوديوم مساهم معروف في ارتفاع ضغط الدم.
ووفقاً لاختصاصية التغذية الوقائية لأمراض القلب، ميشيل روثنشتاين، يجب على الأشخاص المصابين بارتفاع ضغط الدم مراقبة استهلاكهم اليومي من كلا العنصرين. وصرحت لمجلة «هيلث»: «قد تزيد هذه العوامل من خطر تكوّن اللويحات في الشرايين مع مرور الوقت، خاصة إذا تم استهلاكها بإفراط».
للحفاظ على صحة القلب، توصي جمعية القلب الأميركية (AHA) بالحد من الدهون المشبعة إلى أقل من 6 في المائة من السعرات الحرارية اليومية، والحد من الصوديوم إلى ما لا يزيد على 2300 ملليغرام يومياً.ومن المثير للاهتمام أن دراسات متعددة وجدت أنه رغم ارتفاع مستويات الدهون المشبعة والصوديوم في الجبن، فإن تناوله - حتى يومياً - لا يرتبط دائماً بارتفاع ضغط الدم أو غيره من مؤشرات ضعف صحة القلب والأوعية الدموية.
في الواقع، تشير مجموعة كبيرة من الأبحاث إلى عكس ذلك.كشفت إحدى هذه الدراسات، التي نُشرت عام 2025، أن تناول الجبن باعتدال يرتبط بانخفاض ضغط الدم، وليس ارتفاعه. في الوقت نفسه، وجدت دراسة أجريت عام 2018 أن حتى تناول كميات كبيرة من الجبن لم يُغير مستويات الكولسترول الجيد (HDL)، أو الكولسترول الضار (LDL)، أو الكولسترول الكلي لدى المشاركين، رغم أن فترة الدراسة استمرت أسبوعين فقط.
التركيز على الدهون
أحد المتغيرات التي تجب مراعاتها عند تناول الجبن يومياً هو النسبة المئوية الإجمالية للدهون في الجبن الذي تختاره، مع خيارات تتراوح من خالي الدسم إلى كامل الدسم. في حين أن منتجات الألبان قليلة الدسم تُوصى بها منذ فترة طويلة باعتبارها خياراً صحياً للقلب (ولا تزال جمعية القلب الأميركية توصي بها لصحة القلب)، تُظهر الدراسات الآن أن الأمر قد يكون أكثر دقة.
على سبيل المثال، أظهرت أبحاث أجريت عامي 2019 و2024 أن الجبن كامل الدسم ومنتجات الألبان الأخرى ليس لهما آثار سلبية على صحة القلب والأوعية الدموية. وبالمثل، خلصت مراجعة منهجية وتحليل تلوي أُجريا عام 2021 لـ16 دراسة إلى أن منتجات الألبان عالية الدسم لم ترتبط بزيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم.
قالت روثنشتاين إن هذه النتيجة المفاجئة يمكن تفسيرها بما يُطلق عليه الباحثون «مصفوفة الغذاء الكامل» لمنتجات الألبان. وأضافت: «هذه الفكرة هي أن العناصر الغذائية تعمل معاً في الأطعمة الكاملة بطرق لا نكررها تماماً في العناصر الغذائية المنفصلة». بمعنى آخر، رغم أن الجبن يحتوي على الكثير من الدهون المشبعة والصوديوم، فإن كونه غذاءً متكاملاً قد يُساعد في مواجهة بعض هذه الآثار السلبية المحتملة.
ومع ذلك، أكدت روثنشتاين على ضرورة استشارة اختصاصي التغذية أو فريق الرعاية الصحية لمعرفة نسبة الدهون الأنسب لاحتياجاتك الشخصية.