أخبار اليوم - ساره الرفاعي
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الأحبة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يوم طيب مبارك، يومٌ تعج فيه الكلمات الطيبة. والكلمة الطيبة – كما يؤكد الدكتور نسيم أبو خضير – ليست مجرد حروف تتناثر على اللسان، بل هي رسالة سماوية نزل بها الوحي لتكون منهاج حياة. يقول الله تعالى في محكم كتابه:
«ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمةً طيبة كشجرةٍ طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أُكلها كل حين بإذن ربها».
هذا التشبيه الرباني العجيب يصوّر الكلمة الطيبة شجرة راسخة الجذور، ممتدة الفروع، تثمر خيرًا في كل زمان ومكان. وهكذا هي الكلمة الصادقة النابعة من قلب مؤمن؛ لا تذبل ولا تموت، بل تؤتي ثمارها في الدنيا والآخرة.
ويستشهد الدكتور أبو خضير بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «الكلمة الطيبة صدقة». فالمسلم حين يتحدث برفق، أو يواسي قلبًا حزينًا، أو يثني على معروف، يُكتب له في ميزان حسناته كما يُكتب للمتصدق بماله. وما أحوج النفوس في زماننا إلى كلماتٍ تداوي الجراح، تبني الجسور، وتفتح نوافذ الأمل.
كلمة مثل: جزاك الله خيرًا أو بارك الله فيك أو سامحك الله قد تغيّر مسار يومٍ كامل لإنسان كان بائسًا أو غاضبًا أو يائسًا.
أثر الكلمة الطيبة في المجتمع
المجتمع الذي تنتشر فيه الكلمة الطيبة هو مجتمع متماسك متحاب تسوده الرحمة ويغشاه الأمن. والأسرة التي تتبادل هذه الكلمات بين الزوج وزوجه، وبين الوالدين وأبنائهما، تعيش في طمأنينة وسكينة واستقرار.
ويضيف الدكتور أبو خضير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق». فما أجمل أن نلاقي بعضنا بابتسامة صادقة وكلمة مشجعة ترفع المعنويات وتفتح أبواب الأمل من جديد.
وجاء في السيرة النبوية أن رجلًا شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال له: «إذا أردت أن يلين قلبك فأطعم المسكين وامسح رأس اليتيم». كلمة طيبة واحدة كانت سببًا في تليين قلبه وفتح باب الرحمة.
ولما جاء الأعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب الوصية، قال له: «لا تغضب». كلمات قليلة تحولت إلى مدرسة كاملة في ضبط النفس ومنهج تربوي سار به ذلك الرجل عمره كله.
ومن أقوال الصحابة، كان أبو الدرداء رضي الله عنه يقول: «الكلمة الطيبة تطفئ غضب الرب»، في إشارة إلى عظيم أثرها في إصلاح ما بين العبد وربه، وما بين الناس بعضهم مع بعض.
خطر الكلمة الخبيثة
كما أن الكلمة الطيبة نور، فإن الكلمة الخبيثة ظلام. قال تعالى:
«ومثل كلمةٍ خبيثة كشجرةٍ خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار».
فالكلمة الجارحة قد تهدم علاقة عمرها سنوات وتزرع الحقد في القلوب، وربما تكون سببًا في قطيعة رحم أو فتنة بين الناس. لذا وجب على المسلم أن يزن كلماته قبل أن ينطق بها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت».
دعوة للعمل
يختم الدكتور نسيم أبو خضير بدعوة المسلمين إلى أن يجعلوا ألسنتهم رطبة بذكر الله، وأن تكون كلماتهم طيبة صادقة، يزرعون بها في القلوب أملًا، وفي النفوس سكينة، وفي المجتمع محبة وسلامًا. فالكلمة الطيبة عبادة، وحياة، وصدقة جارية لا تنقطع، تبقى شاهدًا لنا أو علينا يوم نلقى الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.