منع الضرب في المدارس يشعل الجدل .. هيبة المعلّم وتربية الطلاب بين مؤيد ومعارض

mainThumb
منع الضرب في المدارس يشعل الجدل.. هيبة المعلّم وتربية الطلاب بين الردع والرفض

14-09-2025 05:01 PM

printIcon


 أخبار اليوم - عواد الفالح - أعاد قرار وزارة التربية والتعليم الأردنية بتشديد منع العقاب الجسدي في المدارس فتح ملف الانضباط المدرسي وهيبة المعلّم على نطاق واسع، بعد إعلان رسمي يؤكد أن «التربية قبل التعليم» وأن أي شكل من أشكال الضرب مرفوض تمامًا. القرار، وإن كان امتدادًا لتعليمات سابقة، أصبح محور نقاش وطني يتجاوز أروقة المدارس إلى بيوت الأردنيين ودوائرهم المهنية، كاشفًا انقسامًا واضحًا حول سبل تحقيق الردع وضبط السلوك.

جانب كبير من الرأي العام يرى أن غياب أدوات الحزم الصارمة ساهم في انتشار سلوكيات فوضوية، من التنمّر والاعتداءات اللفظية والجسدية إلى إدخال الهواتف والأدوات الحادة داخل الصفوف، ويستعيد أصحاب هذا الموقف ذاكرة أجيال سابقة يعتبرونها أكثر انضباطًا حين كان المعلم يمتلك صلاحيات أوسع، ويعتقدون أن تراجع هيبته مرتبط بتقييد صلاحياته في الردع.

في المقابل، يشدد تربويون ومعلمون وأولياء أمور على أن الضرب لا يبني احترامًا حقيقيًا، بل يخلّف آثارًا نفسية وسلوكًا عدوانيًا طويل الأمد، مؤكدين أن الانضباط الحقيقي يقوم على القدوة، والحوار، ونظام عقوبات تربوية مدروسة تحفظ كرامة الطالب والمعلّم معًا. ويطرح هذا الاتجاه بدائل عملية مثل تدريب المعلمين على استراتيجيات إدارة الصفوف، وتزويد المدارس بمرشدين اجتماعيين، وتخفيف الاكتظاظ، ووضع لوائح سلوك واضحة تُطبق دون محاباة، مع إشراك الأسرة في المتابعة اليومية للسلوك.

تبلورت أيضًا دعوات لإقرار تشريع حديث يحمي المعلّم من أي اعتداء أو تهديد ويصون في الوقت نفسه حق الطالب في بيئة تعليمية آمنة، مع آليات عقاب غير بدنية تتدرج من التنبيه المكتوب والحرمان من بعض الامتيازات إلى النقل أو الفصل المؤقت في الحالات القصوى.

النقاش الدائر يعكس قلقًا مجتمعيًا أعمق حول دور المدرسة في صناعة أجيال منضبطة وقادرة على تحمّل المسؤولية. فالأردنيون، رغم اختلافهم حول الوسائل، يتفقون على أن هيبة المعلّم أساس نجاح العملية التربوية، وأن المدرسة لا يمكن أن تنهض برسالتها إذا بقيت ساحة للفوضى أو ميدانًا للعنف. وبين من يتمسكون بـ“العصا لمن عصا” ومن يؤكد أن التربية الحديثة تكسب الاحترام بلا خوف، يظل التحدي أمام وزارة التربية هو إيجاد معادلة تضمن الانضباط والاحترام في آن واحد، وتعيد للمعلّم مكانته من دون أن تعود بالعقاب الجسدي إلى الصفوف.