أخبار اليوم - "لا خيار أمامنا إلا بتر أعضاء المرضى والمصابين".. بهذه الكلمات القاسية لخّص مدير وزارة الصحة في غزة الدكتور منير البرش حجم الكارثة الطبية التي يواجهها القطاع، بعد منع الاحتلال إدخال المضادات الحيوية والأدوية الأساسية، الأمر الذي يضع آلاف المرضى أمام مصير مجهول.
وقال البرش إن الجريح في غزة لا يقتله رصاص الاحتلال فقط، بل تفتك به الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية، إذ لم يعد أمام الأطباء خيار سوى بتر الأطراف لإنقاذ حياة الجرحى والمصابين.
وأوضح مدير وزارة الصحة في غزة عبر منصة "إكس" أن ظهور هذه الميكروبات يعني وصول الأزمة الصحية إلى مرحلة "اللا عودة"، حيث يجد الطبيب نفسه مضطرا لاختيار أقسى الخيارين: إما البتر أو الموت.
وتساءل البرش بمرارة: "هل أصبح الطب هو البتر؟"، مشيرا إلى أن الأطباء في غزة يواجهون يوميا مشاهد مؤلمة لإنقاذ طفل أو شاب أو جريح بلا خيار سوى بتر ساق أو يد، فالاحتلال لم يكتف بالقصف المتواصل، بل حرم المرضى أيضا من الأدوية الأساسية، مما جعل أجسادهم لا تستجيب للعلاج.
وأضاف أن الساعات الماضية شهدت أشد قصف استهدف مقومات الحياة في غزة، من مساكن ومستشفيات ومدارس وحتى الخيام، حيث قتلت صواريخ الاحتلال الأطفال والنساء، وحرمت السكان من الماء والدواء والغذاء، لتتشكل أمام العالم ملامح جريمة إبادة صحية مكتملة الأركان.
وبحسب البرش فإن عملية عربات جدعون الثانية التي أعلن عنها الاحتلال في 13 أغسطس/آب الماضي أدت لسقوط 1891 شهيد من بينهم 482 طفلا و174 امرأة و 75 من كبار السن أي 38% من العميلة استهدفت النساء والأطفال والشيوخ.
وقد أثار تصريح البرش موجة غضب واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث رأى مغردون أن الصمت الدولي المطبق يضاعف من حجم المأساة، بينما تتدفق من غزة مشاهد يومية لا تترك مجالا للشك بأنها جريمة إبادة جماعية موثقة بالصوت والصورة.
ووصف مغردون آخرون ما يجري في غزة بأنه "خبر مبك"، إذ يشاهد العالم كارثة غير مسبوقة عبر كل العصور وهو صامت، وكأن الأرواح تزهق في فراغ بلا صدى.
وأضافوا أن الكارثة الصحية في غزة ليست أزمة إنسانية محصورة جغرافيا، بل فضيحة أخلاقية كبرى تمتحن ضمير البشرية، فحين يحاصر الدواء وتمنع المضادات الحيوية، يتحول المرضى إلى ضحايا بلا خيار، ويغدو البتر هو العلاج الوحيد.
وكتب أحد النشطاء: "هذا تفصيل بسيط يغرق في بحر الكوارث اليومية في قطاع غزة، لكنه فاجعة كبرى بحد ذاته".
فيما أضاف آخر: "الإبادة الصحية في غزة… حتى الدواء يحاصر".
وأشار مدونون إلى أن ما يجري ليس أزمة صحية فحسب، بل جريمة أخلاقية بحق الإنسانية، إذ يتحول الدواء إلى أداة حصار، ويصبح المرضى في غزة ضحايا مرتين: مرة لأجسادهم المنهكة، ومرة لسياسات الاحتلال.
ولفت آخرون إلى أن هذا الخبر لا يجب أن يمر كأي خبر عابر، فـ"الجوع والعطش أهون من البتر، لأن ألم البتر بلا مخدر، والعيش مبتور الأطراف مأساة لا تعوّض".
كما حذر ناشطون من أن ما يحدث في غزة ليس أزمة محلية فقط، بل تهديدا عالميا، إذ أن انتشار مقاومة المضادات يعني ولادة بكتيريا لا يوقفها دواء، ما يحول غزة إلى "مختبر مفتوح للموت".
الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي