أخبار اليوم – أحدث دخول اللحوم السورية إلى السوق الأردني خلال الأسابيع الماضية تحولًا اقتصاديًا لافتًا في هيكل الأسعار المحلية، بعد أن سجلت الأسواق انخفاضًا في سعر الكيلو الواحد من اللحم البلدي من نحو 11 دينارًا إلى ما يقارب 8.5 دنانير. ويعود هذا التراجع إلى عامل المنافسة المباشرة الذي فرضه الاستيراد، في وقت يعاني فيه السوق المحلي من ارتفاع تكاليف الإنتاج وضعف العرض المحلي.
اللحوم السورية، التي دخلت وفق آليات استيراد رسمية وتحت إشراف صحي وبيطري، شكّلت بحسب مراقبين عامل توازن سعري مؤقت، لكنها في الوقت ذاته كشفت فجوة التكلفة بين المنتج المحلي والمستورد. فالمربي الأردني يواجه ارتفاعًا في أسعار الأعلاف والنقل والعمالة، وهي عناصر ترفع كلفة الكيلو المحلي مقارنة بالسوق السورية التي تتوفر فيها الموارد بأسعار أقل.
ويرى اقتصاديون أن الانخفاض الحالي لا يعني بالضرورة تحسنًا هيكليًا في السوق، بل يعكس تصحيحًا مرحليًا بفعل المنافسة، مؤكدين أن استمرار هذا التراجع مرهون بسياسة استيراد واضحة تُوازن بين دعم المزارع المحلي ومنع الاحتكار.
ويشير مختصون إلى أن الأسعار قبل الاستيراد كانت تُدار من قبل عدد محدود من كبار التجار، وهو ما خلق حالة شبه احتكارية، بينما دخول اللحوم السورية أعاد ضبط هوامش الربح وكشف مدى الفارق بين السعر الحقيقي وسعر البيع النهائي للمستهلك.
أما على مستوى الطلب، فقد أدى الانخفاض إلى تحريك السوق الاستهلاكي بعد فترة ركود طويلة، إذ تمكنت شريحة واسعة من الأسر من شراء اللحوم مجددًا، وهو ما قد ينعكس إيجابًا على الدورة الاقتصادية القصيرة المتعلقة بالملاحم والمطاعم وقطاع الخدمات الغذائية.
ومع ذلك، يرى خبراء الزراعة أن الانفتاح غير المدروس على الاستيراد قد يُضعف قطاع تربية المواشي في المدى المتوسط، ويؤثر على استدامة الإنتاج الوطني، مطالبين بسياسات مزدوجة تضمن حماية المزارع المحلي وتوازن الأسعار في آنٍ واحد.
ويُجمع اقتصاديون على أن تجربة اللحوم السورية تمثل نموذجًا مصغرًا لتأثير التجارة الإقليمية على السوق الأردني، وتؤكد ضرورة تبني سياسة مرنة في إدارة الاستيراد، تضمن المنافسة العادلة وتحفّز الكفاءة المحلية بدلًا من إقصائها.