سماعات "إيربودز" باهرة تترجم اللغات في أذنيك

mainThumb
سماعات "إيربودز" باهرة تترجم اللغات في أذنيك

14-10-2025 11:13 AM

printIcon

أخبار اليوم - التقيت صديقاً قديماً هذا الأسبوع، وحكى لي عمّا كان يفعله خلال الصيف، والعجيب أنه تحدث عن كل ذلك بالإسبانية، لغة لم أتعلمها من قبل، ومع ذلك فهمت كل كلمة تفوه بها.

سماعات جديدة وباهرة

أما السر وراء هذا الإنجاز، فيكمن في ارتدائي سماعات «آبل» الجديدة التي طرحت أخيراً في المتاجر. وتعتمد سماعات «إيربودز برو 3» AirPods Pro 3، بسعر 250 دولاراً، على الذكاء الاصطناعي للترجمة الفورية، مما يعتبر أهم ميزة جديدة لها. (أما السماعات نفسها، فباستثناء تحسين طفيف في خاصية عزل الضوضاء، فلا تختلف كثيراً عن الإصدار السابق). وفي الوقت الذي كان صديقي يتحدث، لعبت المساعدة الافتراضية «سيري» دور المترجمة، إذ حوّلت الكلمات الإسبانية مباشرةً إلى الإنجليزية بصوت آلي في أذني.

لاحقاً، راجعت نص المحادثة الذي سُجّل على هاتفي للتأكد من دقة الترجمة. وباستثناء بعض الأخطاء البسيطة (حين خلطت «سيري» بين الضمائر، إذ أشارت إلى صديقة صديقي بضمير «هو» بدلاً من «هي»)، جاءت الترجمة جيدة للغاية.

في الواقع، انبهرت من النتيجة. وكان هذا أقوى مثال رأيته لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وهي تعمل على نحو سلس وعملي، يعود بالنفع على أعداد كبيرة. على سبيل المثال، قد يسهِّل هذا الأمر على أبناء المهاجرين الذين يفضل آباؤهم التحدث بلغتهم الأم، أو على المسافرين في بلدان أجنبية لفهم سائقي سيارات الأجرة، أو موظفي الفنادق وشركات الطيران.

كما ستساعدني هذه التكنولوجيا بالتأكيد في حياتي اليومية لفهم شخص لا يتحدث الإنجليزية، ويشرح لي ما وجده أسفل منزلي.

وبصراحة، غمرني شعور المفاجأة كذلك، فقد سبق وأن كان اقتحام «آبل» مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي - التكنولوجيا التي تقف وراء روبوتات المحادثة مثل «تشات جي بي تي» من شركة «أوبن إيه آي» و«جيميناي» من «غوغل»، شديد التعثر.

خطوة «أبل» في الذكاء الاصطناعي

ولم تكمل الشركة إطلاق بعض مزايا الذكاء الاصطناعي التي وعدت بها العام الماضي لهاتف «آيفون 16»، لأنها لم تعمل جيداً. وحتى الأدوات المتاحة حالياً من «آبل» لتحرير الصور أو تلخيص المقالات، جاءت مخيبة للآمال، مقارنة بما تقدمه «غوغل».

ومع ذلك، تأتي تكنولوجيا الترجمة القوية في سماعات «إيربودز» بمثابة مؤشر على أن «آبل» لا تزال في سباق الذكاء الاصطناعي، رغم بداياتها المتعثرة. ومع أن أجهزة الترجمة الرقمية ليست جديدة، فإن طريقة تفعيل «آبل» لهذه الميزة عبر «إيربودز»، تعد ملائمة تماماً للأذن، ستحدث فرقاً كبيراً في مدى استخدام الناس لها.

على مدار سنوات طويلة، اضطر المستهلكون إلى التعامل مع تطبيقات ترجمة لغوية عبر الهواتف كانت مزعجة في استخدامها، مثل «غوغل ترانسليت» و«مايكروسوفت ترانسليتر»، إذ كان على المستخدم أن يقرّب ميكروفون الهاتف من المتحدث بلغة أجنبية، ثم ينتظر الترجمة لتُعرض على الشاشة أو تُبث عبر سماعة الهاتف الصغيرة. وغالباً ما كانت الترجمات غير دقيقة.

في المقابل، لا يحتاج مستخدمو «إيربودز» سوى إيماءة صغيرة لتفعيل المترجم الرقمي. وفي غضون نحو ثانية من تحدث شخص ما، يمكن سماع الترجمة في لغة المستخدم المفضلة عبر السماعات.

استخدام المترجم الذكي

إليك ما تحتاج معرفته حول كيفية استخدام المترجم، وكيف تعمل هذه التكنولوجيا، ولماذا تبدو أفضل من تطبيقات الترجمة السابقة.

> بداية التشغيل. تميز إعداد سماعات «إيربودز برو» بالسهولة. فبعد أن فتحت العلبة بجوار هاتفي الـ«آيفون»، ضغطت على زر لاقتران السماعات. وللاستفادة من برنامج الترجمة، كان عليّ تحديث النظام التشغيلي إلى الإصدار الأحدث «آي أو إس 26» وتفعيل «آبل إنتليجنس»، برنامج الذكاء الاصطناعي من «آبل».

بعد ذلك فتحت تطبيق الترجمة الجديد من «آبل»، «ترانسليت»، وقمت بتحميل اللغات التي أردت الترجمة بينها. وفي الوقت الراهن، تتوفر الإسبانية والفرنسية والألمانية والبرتغالية والإنجليزية، مع وعود بإضافة المزيد قريباً. من جهتي، اخترت اللغة التي يتحدث بها الطرف الآخر (في هذه الحالة الإسبانية) واللغة التي أريد سماعها.

بوجه عام، هناك عدة طرق مختصرة لتفعيل المترجم، لكن أبسطها الضغط مع الاستمرار على ساقي السماعتين لبضع ثوانٍ حتى يَصدر صوتٌ. من هناك يمكن للطرفين الانطلاق في الحديث، ويظهر نص مكتوب في تطبيق الترجمة، بينما يصدر الصوت المترجَم بصوت مسموع.

كما يمكن لأصحاب «إيربودز برو 2» (من 2022)، و«إيربودز برو 4» (من العام الماضي مع خاصية عزل الضوضاء) كذلك الاستمتاع بتكنولوجيا الترجمة من خلال تحديث برمجي. ومع ذلك، يتطلب الأمر كذلك امتلاك «آيفون» حديث، مثل «آيفون برو 15» أو أحد أجهزة سلسلة 16، لتشغيل «آبل إنتليجنس» من أجل أداء مهمة الترجمة.

وللحصول على محادثة سلسة تُترجَم في كلا الاتجاهين، من الأفضل أن يكون كلا الطرفين يرتديان سماعات «إيربودز». ونظراً لشعبية هذه السماعات التي بيع منها مئات الملايين حول العالم، يبدو هذا الأمر محتملاً للغاية.

ومع ذلك، هناك مواقف سيكون هذا الابتكار مفيداً فيها حتى لو كان شخص واحد فقط يرتدي السماعات. مثلاً، فإن كثيراً من المهاجرين الذين أتعامل معهم - مثل المربية وحماتي - مرتاحون للتحدث بلغتهم الأم فقط، لكن يمكنهم فهم ردودي بالإنجليزية. لذا فإن قدرتي على فهمهم بدوري ستُحدث فارقاً كبيراً.

التنبؤ بالكلمات

> لماذا تتحسن الترجمة؟ يعتمد أداء الترجمة في «إيربودز» على ما يعرف بنماذج اللغة الكبيرة، تكنولوجيا تستخدم إحصاءات معقدة للتنبؤ بالكلمات التي يُفترض أن ترد معاً، مما يجعل الترجمة أكثر دقة من التقنيات السابقة، حسب ديميترا فيرغيري، مديرة تقنيات النطق في معهد الأبحاث «إس آر آي»، الذي طوّر النسخة الأولى من «سيري» قبل أن تستحوذ عليها «آبل»

الملاحظ أن بعض الكلمات تحمل معاني مختلفة حسب السياق، ونماذج اللغة الكبيرة قادرة على تحليل مجمل المحادثة لتفسير ما يقوله الناس بشكل صحيح. أما أساليب الترجمة القديمة، فكانت تترجم جملة بجملة دون أخذ السياق العام بعين الاعتبار، مما يسفر عن أخطاء كبيرة، حسبما قالت فيرغيري.

ومع ذلك، قد لا تخلو تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الـ«إيربودز» من ثغرات قد تؤدي إلى مواقف اجتماعية محرجة، بحسب ما أضافت؛ فالكلمات وحدها لا تعكس كل السياقات الأخرى مثل المشاعر والفوارق الثقافية. في بلاد المغرب مثلاً، قد يُعتبر من غير اللائق الدخول مباشرة في الحوار دون تحية مناسبة، والتي غالباً تتضمن السؤال عن العائلة والصحة.

وقالت ديميترا فيرغيري: «لا يزال هناك فجوة في التواصل الحقيقي»، لكنها أضافت أن «تكنولوجيا الترجمة ستصبح أكثر أهمية مع اتساع عمل الموظفين عبر الثقافات المختلفة، وحاجتهم إلى التواصل عالمياً».