أخبار اليوم - تزايدت المخاوف في الشارع الأردني من تفاقم مديونية الأفراد لدى البنوك، بعد أن أظهرت بيانات رسمية حديثة للبنك المركزي ارتفاع إجمالي المديونية إلى نحو 14 مليار دينار (ما يقارب 20 مليار دولار) في نهاية عام 2024، مقارنة بـ 13.3 مليار دينار في عام 2023، أي بنسبة نمو بلغت 5.4%، وهي من أعلى نسب الزيادة خلال السنوات الأخيرة.
ويقول البنك المركزي إن جزءًا من هذا النمو لا يُعد زيادة فعلية في الإقراض، بل نتيجة لتأجيل سداد القروض خلال جائحة كورونا أو في المناسبات الدينية مثل عيدي الفطر والأضحى، غير أن المحصلة النهائية تُظهر اعتمادًا متزايدًا على الاقتراض لتغطية النفقات الأساسية والمعيشية.
وتشير البيانات إلى أن القروض السكنية استحوذت على النسبة الأكبر من مديونية الأفراد بنسبة 40.9%، تلتها القروض الشخصية بنسبة 31.9%، ثم القروض الاستهلاكية بنسبة 14.1%، فيما جاءت قروض السيارات بنسبة 13.1% من إجمالي محفظة الإقراض للأفراد.
ورغم ارتفاع حجم المديونية، فإن نسبة الديون غير العاملة – أي المتعثرة في السداد – ما تزال ضمن الحدود المقبولة، إذ بلغت 5.1% من إجمالي قروض الأفراد في نهاية عام 2024، مقارنة بـ 4.9% في العام الذي سبقه، وهي أقل من النسبة العامة للديون المتعثرة في البنوك الأردنية التي وصلت إلى 5.6%. ويعد ذلك مؤشراً على أن النظام المصرفي ما زال يتمتع بدرجة من الاستقرار المالي.
لكن في الشارع، تسود نظرة أكثر قتامة. إذ يرى أردنيون أن هذه الأرقام تعكس أزمة معيشية حقيقية يعيشها المواطن، وليست مؤشراً على نشاط اقتصادي صحي. فالقروض – بحسبهم – أصبحت تشمل كل تفاصيل الحياة اليومية، من السكن والتعليم إلى السيارات والزواج وحتى العلاج، في ظل تآكل الدخل وارتفاع تكاليف المعيشة. ويؤكدون أن "المقترضين في غالبيتهم أبناء الحراثين والطبقة العاملة"، بينما لا تظهر أسماء أصحاب النفوذ أو كبار التجار في قوائم المقترضين.
ويشير اقتصاديون إلى أن نسبة العبء الشهري لمديونية الأفراد إلى دخلهم بلغت نحو 43% في نهاية عام 2024، أي أن ما يقارب نصف دخل المواطن المقترض يذهب لتسديد الأقساط والفوائد، ما ينعكس سلباً على قدرته الشرائية ويحد من النمو الاقتصادي.
ويبلغ عدد المقترضين الذكور 78% من إجمالي المقترضين مقابل 22% من الإناث، فيما أن 71% من القروض تحمل سعر فائدة ثابتاً، ما يقلل من تأثرها بتقلبات أسعار الفائدة. ومع ذلك، يرى محللون أن استمرار ارتفاع المديونية بهذا الشكل قد يؤدي إلى مخاطر طويلة المدى، أبرزها تراجع قدرة الأفراد على السداد وازدياد حالات التعثر إذا استمر الضغط المعيشي دون حلول اقتصادية حقيقية.
وفي الوقت الذي يؤكد فيه البنك المركزي أن نسبة التعثر في محفظة الأفراد “منخفضة نسبيًا”، يرى المواطنون أن “المؤشر الحقيقي” هو ما يجري في الشارع، حيث تتآكل الدخول وتتزايد الأقساط، ويصبح القرض الوسيلة الوحيدة للبقاء على قيد الحياة الاقتصادية.
الأردنيون: الاقتراض صار أسلوب حياة... والدخل لا يكفي نصف الشهر.