أخبار اليوم - تجدد الجدل في الأردن حول المطالبة بالعودة إلى حبس المدين بعد دخول التعديلات التي ألغت الحبس في القضايا المالية حيّز التنفيذ، وسط تصعيدٍ لفظي وتراشق اتهامات بين مؤيدين للإلغاء ورافضين له. وتكشف متابعة ردود الفعل العامة عن ثلاث جهات رئيسية تقود المطالبة بالرجوع إلى الحبس: دائنون متضررون من تعثر التحصيل، ومحامون اعتادوا ملفات التحصيل المالي، وتجار يشكون من تفشّي المماطلة. في المقابل، يتمسّك مؤيدو الإلغاء باعتبارات قانونية وإنسانية، ويؤكدون وجود بدائل تنفيذية تكفل الحقوق من دون سلب الحرية.
يرى الرافضون لإلغاء الحبس أن القرار أضعف أدوات الردع، وفتح الباب أمام بعض المدينين للتهرب عبر تهريب الأموال وتسجيلها باسم أفراد العائلة، مؤكدين أن حقوق الدائنين مهددة وأن الثقة بالمعاملات تراجعت. ويشير بعضهم إلى حالات محددة تم فيها الحجز شكليًا من دون تنفيذ فعلي، مطالبين بإعادة الحبس باعتباره “وسيلة ضغط” تضمن السداد، أو بتشديد أدوات التنفيذ القائمة وتسريعها.
في المقابل، يستند مؤيدو الإلغاء إلى المادة (11) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تحظر سجن المدين العاجز عن الوفاء بالتزام تعاقدي، ويعتبرون الإجراء خيارًا حضاريًا وإنسانيًا تتبعه “الدول المتقدمة”، مؤكدين أن بدائل التنفيذ متاحة: الحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة وبيعها بالمزاد، منع السفر، وحجز جزء من الراتب، إضافة إلى تحسين أدوات التتبع الائتماني قبل التعاقد. ويذهب بعضهم إلى القول إن المتضرر المباشر من الإلغاء هم محامون وتجار “فائدة” اعتادوا عوائد قضايا التحصيل، معتبرين أن الحبس كان يصنع “اقتصادًا وهميًا” قائمًا على الشيكات الآجلة والإكراه بالحبس.
وتعكس تعليقات واسعة لهجة تصعيد ضد الدعوات لإعادة الحبس، متهمةً بعض المطالبين بـ“تسييس” الملف إعلاميًا أو الدفاع عن مصالح مهنية بعد تراجع دخل قضايا التحصيل، فيما يشير آخرون إلى دوافع عملية كاكتظاظ السجون وكلفة النزيل على الخزينة، مؤكدين أن حلّ التعثر مالي واقتصادي قبل أن يكون جزائيًا.
عمليًا، يتمحور سبب التصعيد حول فجوةٍ بين حق الدائن في تحصيل ماله وكرامة المدين المتعثر، وبين نصوص قانونية أقرت الإلغاء وواقعٍ تنفيذي لا يطمئن الجميع. ويجمع طرفا النقاش – ضمنيًا – على أن الطريق إلى التوازن يمر عبر تغليظ أدوات التنفيذ المدنية وتفعيلها بسرعة وشفافية، وتدقيق الملاءة قبل التعاقد، ومعالجة ثغرات تهريب الأصول، بما يصون حقوق الدائنين ويحفظ في الوقت ذاته مبدأ عدم حبس العاجز عن السداد.