السرديّة الأردنية ( إعادة تشكيل الوعي الوطني في دولة تتجدّد )

mainThumb
السرديّة الأردنية ( إعادة تشكيل الوعي الوطني في دولة تتجدّد )

24-11-2025 09:21 AM

printIcon

أخبار اليوم - في خضم التحوّلات الإقليمية والدولية المتسارعة، تبرز السرديّة الأردنية بوصفها أحد أهم مرتكزات الخطاب الوطني المعاصر، وأداةً رئيسية لإعادة صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع، وتوضيح مسار الأردن السياسي والاقتصادي في المرحلة المقبلة.
وتأتي أهمية هذه السردية من كونها رؤية شاملة تستند إلى الإرث التاريخي للدولة الأردنية، وإلى دورها الراسخ في المنطقة، وإلى القيم التي شكلت أساس بنيانها منذ التأسيس.

ابدأ حديثي بالشرعية التاريخية وتطور الدولة
ترتكز السرديّة الأردنية على جذور تاريخية عميقة، تمتد من الحضارات التي قامت على الأرض الأردنية عبر القرون، وصولًا إلى تأسيس إمارة شرق الأردن عام 1921، ثم إعلان المملكة الأردنية الهاشمية.
هذا الامتداد التاريخي يشكل عنصرًا أساسيًا في شرعية الدولة، وفي قدرتها على الحفاظ على الاستقرار والاتزان، رغم ما يحيط بها من تحديات سياسية واقتصادية وأمنية.

وهي نموذج سياسي قائم اعتمد منذ نشأته نهجًا سياسيًا يقوم على الحكمة والاعتدال، وعلى ترسيخ مؤسسات الدولة وسيادة القانون.
وقد شكّل هذا النهج أساسًا للاستقرار الداخلي، ولتعزيز ثقة المواطنين بالدولة، ولتقديم الأردن كطرف مسؤول في بيئة إقليمية معقدة.
وتبقى الشرعية الهاشمية عاملًا مركزيًا في هذا الاستقرار، بما تمثله من امتداد ديني وتاريخي، وبما تؤديه من دور محوري في الحفاظ على تماسك الدولة ووحدة المجتمع.

وان تكلمنا عن الهوية الوطنية الجامعة
فتسعى السرديّة الأردنية إلى تعزيز هوية وطنية جامعة تستوعب جميع مكونات المجتمع، وتتعامل مع التنوع باعتباره مصدر قوة.
فالقبائل، والمدن، والريف، والأردنيون من مختلف المنابت يشكلون نسيجًا واحدًا، أساسه المواطنة، والانتماء للدولة، والالتزام بالقانون.
وهذه الهوية الجامعة تمثل ضمانة أساسية لحماية المجتمع من الانقسامات، ولإرساء بيئة سياسية واجتماعية مستقرة.

و ان تطرقنا لدورها الإقليمي فهو قابتٌ ومسؤول
يحافظ على دور إقليمي يتسم بالاتزان، ويستند إلى رؤية واضحة تجاه القضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
وقد رسّخت المملكة مكانتها كطرف فاعل يسعى إلى دعم الاستقرار، وتغليب الحلول السياسية، والدفاع عن مصالح الأمة.
ويُعد هذا الدور جزءًا لا يتجزأ من السردية الوطنية، ومن صورة الدولة التي تقوم على المسؤولية والدبلوماسية الهادئة.
و تشدد السردية الأردنية الحديثة على أن الإنسان الأردني هو أساس عملية التحديث والإصلاح.
وتؤكد الدولة أن الشباب، والخبرات الوطنية، والطاقات الريادية، هم المحرك الرئيسي لمستقبل الأردن.
وانطلاقًا من ذلك، يجري اليوم العمل على تحديث المنظومة الاقتصادية والإدارية والسياسية، بما يعزز مشاركة المواطنين، ويُهيّئ بيئة أكثر شفافية وكفاءة وإنتاجية.

و أيضاً تأتي السردية الجديدة متسقة مع خطط التحديث الاقتصادي، التي تهدف إلى بناء اقتصاد منتج قائم على المعرفة والتكنولوجيا والطاقة المتجددة.
ويستند هذا التوجه إلى الاستثمار في رأس المال البشري، وتعزيز قدرات القطاع الخاص، وتهيئة بيئة تشجّع الابتكار وتستوعب المبادرات الوطنية.


و مهما تكلمنا و كتبنا فلن نُعطي التاريخ حقه فالسردية الأردنية ليست خطابًا نظريًا، بل مشروعًا وطنيًا يسعى إلى تعزيز الثقة بين الدولة والمجتمع، وتقديم رؤية واضحة لمسار التطور السياسي والاقتصادي.
وهي إطار جامع يهدف إلى حماية الهوية الوطنية، وتأكيد ثوابت الدولة، وتوجيه جهود الإصلاح نحو مستقبل يلائم طموح الأردنيين، ويعكس مكانة الأردن التاريخية ودوره الإقليمي المستمر.

المهندس محمد عليان