أخبار اليوم - يثير ملفّ العمالة الوافدة جدلًا مستمرًا في الأردن، وسط تضارب الأرقام الرسمية وغياب منهج واضح يحسم هذا الملف الذي يرتبط مباشرة بالاقتصاد والأمن وسوق العمل. وفي الوقت الذي تستمر فيه الحكومة ببرامج التصويب ومنح المهل، ترتفع التساؤلات حول حجم الخسائر المالية الحقيقية الناتجة عن العمالة غير المرخصة، وتأثيرها على الوظائف والاقتصاد الوطني.
وفي هذا السياق، قال د. هايل ودعان الدعجة إن ملف العمالة الوافدة في الأردن يعاني من "فوضى واضحة في الأرقام والسياسات وضعف الرقابة"، مشيراً إلى تضارب كبير في البيانات الرسمية حول عدد العمالة الوافدة المخالفة والمرخصة، وما يرافق ذلك من خسائر مالية ضخمة على الدولة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
وأوضح الدعجة أن الحكومة لا تمتلك رقماً دقيقاً لعدد العمالة الوافدة بشكل عام أو العمالة المخالفة بشكل خاص، قائلاً إن تصريحات وزراء العمل حول هذا الملف جاءت متفاوتة بشكل غير منطقي، حيث تحدث بعضهم عن ٨٠٠ ألف عامل غير حاصل على تصريح عمل، بينما أشار آخرون إلى أرقام لا تتجاوز ٤٠ ألفًا، موضحًا أن هذا التضارب الكبير يطرح أسئلة جدّية حول دقة المعلومات وطبيعة المتابعة الحكومية لهذا الملف.
وبيّن الدعجة أن عدد العمالة التي تحمل تصاريح عمل يقدّر بنحو ٣٠٠ ألف عامل، إلا أن الرقم يصبح بلا معنى في ظل غياب العدد الحقيقي الكامل للعمالة الموجودة على أرض المملكة، متسائلًا: "٣٠٠ ألف من أصل كم؟".
وأضاف أن قيمة رسم تصريح العمل السنوي تصل إلى حوالي ٨٥٠ دينارًا أردنيًا إضافة إلى التأمين والفحص الطبي لتصل التكلفة إلى نحو ١٢٠٠ دولار للعامل سنويًا. وقال إنه في حال تطبيق هذه الرسوم على مئات الآلاف من العمالة غير المرخصة، فإن ذلك يعني وجود مليارات الدولارات الضائعة كان من الممكن أن تدخل خزينة الدولة أو تُسهم في تخفيض المديونية.
وأشار الدعجة إلى أن بعض العمالة تعمل داخل السوق المحلي دون تصاريح منذ سنة أو سنتين أو أكثر، فيما تقوم فئات أخرى برفع أجورها بحجة ارتفاع قيمة التصاريح رغم أنها لا تدفعها أصلاً، الأمر الذي يحمّل المواطن والاقتصاد أعباء إضافية.
وتساءل الدعجة عن سبب عدم قدرة الحكومة على تحصيل حقوقها المالية من العمالة المخالفة في الوقت الذي تستطيع فيه تحصيل المستحقات من المواطن الأردني بأساليب صارمة، مثل إيقاف معاملاته الرسمية أو منعه من السفر حتى تسديد ما عليه.
وأضاف أن البنك المركزي يعلن سنوياً قيمة حوالات المغتربين الأردنيين، لكنه لا يعلن قيمة الأموال التي تقوم العمالة الوافدة بتحويلها إلى خارج الأردن بالعملة الصعبة، في الوقت الذي يعتمد فيه الاقتصاد المحلي على القروض والمنح والمفاوضات الطويلة للحصول على مبالغ قد لا تتجاوز ٥٠ أو ١٠٠ مليون دولار، بينما تضيع مئات الملايين سنويًا داخل هذا الملف غير المنضبط.
وأشار الدعجة إلى أن العمالة الوافدة تشارك المواطن في السلع المدعومة، وتزيد الضغط على الخدمات والبنية التحتية، في الوقت الذي تستمر فيه بعض الحكومات بطرح مقترحات لتخفيض رسوم التصريح بنسبة ٣٠٪، معتبراً أن ذلك يشكل "رضوخًا لواقع مخالف بدلًا من تنظيمه."
وأضاف أن الحكومات تلجأ بين فترة وأخرى إلى حملات "تصويب أوضاع"، وهو ما اعتبره "تنازلاً صريحاً عن حقوق مالية للدولة واعترافاً ضمنيًا بفشلها في ضبط هذا الملف".
وختم الدعجة بالقول:
"إذا كانت الدولة تبحث عن موارد مالية وتعمل على ضبط النفقات، فإن ملف العمالة الوافدة يجب أن يكون في مقدمة أولويات التحديث والمسار الاقتصادي، لأن ما يضيع بسببه ليس مبلغاً هامشياً بل جزءًا كبيرًا من حقوق الدولة".
وفيما يلي أبرز النقاط التي ذكرها الدعجة:
١- عدم معرفة عديد العمالة الوافدة في بلدنا بشكل عام ، والعمالة المخالفة التي لا تحمل تصاريح عمل بشكل خاص والتي تبلغ مئات الالاف على اية حال .. حيث تتضارب تصاريح وزراء العمل حول ذلك .. ما بين ٨٠٠ الف عامل لا يحمل تصريح .. و٤٠ الف تقريبا ، وعلينا ملاحظة هذه الفجوة الكبيرة وغير المعقولة في هذه التصريحات الصادرة عن مسؤولين اردنيين على علاقة مباشرة بهذا الملف .
لكنهم يتفقون تقريبا على ان العمالة المرخصة التي تحمل تصاريح عمل حوالي ٣٠٠ الف عامل .. لكن السؤال .. من اصل كم ؟!.
٢- اذا ما علمنا ان رسم تصريح العمل الواحد سنويا يصل الى حوالي ٨٥٠ دينار اردني ( حوالي ١٢٠٠ دولار ) مكون من رسم تصاريح العمل وبوليصة التأمين والفحص الطبي الذي تبلغ قيمته ٨٥ دينار .. فلنا ان نتخيل الملايين وحتى المليارات من الدولارات المهدورة والضائعة على بلدنا .. اذا ما ضربنا هذا المبلغ ( ١٢٠٠ دولار ) ب .. ٥٠٠ او ٦٠٠ او ٧٠٠ او ٨٠٠ الف عامل وافد لا يحملون تصاريح عمل .
٣- بعض العمالة لا تحمل تصاريح عمل من سنة وسنتين وثلاث وربما اكثر .
٤- العمالة الوافدة ترفع اجرتها اليومية بحجة ارتفاع رسم التصريح الذي لا تدفعه اصلا .
٥- بعض وزراء العمل لا يعطي ارقاما حقيقية عن العمالة الوافدة ولا العمالة المخالفة التي لا تحمل تصاريح عمل .. اما لانه لا يعرف ، واما لانه لا يريد ان يظهر بانه مقصرا بواجبه .. بدليل التفاوت الكبير في الارقام كما يظهر في تصاريح وزراء العمل .. هل يعقل ان يصرح وزير بان العمالة الوافدة حوالي ٨٠٠ الف واخر يتحدث عن حوالي ٤٠ الف فقط ….!!!!. فاين الخلل ؟.
٦- في الوقت الذي يعتمد فيه بلدنا على القروض والمساعدات ويجري مفاوضات مع صندوق النقد الدولي وغيره من اجل الحصول على ٥٠ او ١٠٠ او ٢٠٠ مليون دولار ، فانه يضيع مئات الملايين من الدولارات سنويا موجودة بين يديه كحقوق مالية للبلد لا تدفعها العمالة الوافدة ، بسبب عدم حصول مئات الالاف منها على تصاريح عمل .
٧-، بعض الحكومات الاردنية تصرح عن قيامها بتخفيض المديونية ٢٠٠ مليون دولار او اكثر .. مع ان بامكانها تخفيضها اضعاف ذلك لو انها حصلت رسوم التصاريح من العمالة المخالفة .
٨- كيف لبلد ان يقبل بوجود اشخاص غير اردنيين على ارضه بشكل مخالف .. بدون اقامات ولا تصاريح .. ليس من ناحية اقتصادية ومالية فقط ، وانما من ناحية امنية ..،وهل يمكننا تصور وجود عمالة مخالفة او اشخاص مخالفين للاقامة في دولة خليجية مثلا ؟!.
٩- كيف للحكومة تحصيل ما يترتب لها على المواطن الاردني من اموال وبشتى الطرق .. كأن تضع اسمه على الحدود او تعطل اي معاملة له في الدوائر الحكومية والرسمية حتى يدفع ما عليه ، ولا تستطيع تحصيلها من الغرباء على ارضها ..
١٠- في الوقت الذي يعلن فيه البنك المركزي الاردني عن قيمة حوالات المغتربين الاردنيين .. فانه لا يعلن عن قيمة حوالات غير الاردنيين الى خارج الاردن .. مما يقودنا الى معضلة اخرى مترتبة على وجود العمالة الوافدة وباعداد كبيرة جدا في بلدنا ، ممثلة بالعملة الصعبة التي تقوم هذه العمالة باخراجها خارج بلدنا الذي احوج ما يكون لها نظرا لظروفه الاقتصادية والمالية الصعبة .
١١- الاعباء التي تشكلها العمالة الوافدة على موازنة الدولة نتيجة مشاركتها المواطن الاردني في الحصول على المواد والسلع المدعومة ، وكذلك الضغط الذي تشكله على الخدمات والبنى التحتية .
١٢- بعض الحكومات قدمت مقترحا لتخفيض قيمة تصريح العمل ٣٠٪ .. وكأنها تنصاع للواقع الذي فرضته العمالة الوافدة عليها من خلال تهربها وعدم دفعها رسوم تصاريح العمل .. الامر الذي يشجع على زيادة العمالة وبقائها في البلد
مما يؤدي الى تفاقم نسبة البطالة بين الاردنيين .
١٣- الحكومات ونتيجة فشلها في ضبط ملف العمالة الوافدة .. تلجأ الى سياسة ما يسمى بتصويب اوضاع العمالة الوافدة .. في تنازل صريح عن حقوق البلد المالية نتيجة عدم تحصيلها رسوم تصاريح العمل ..
وهناك الكثير .. من الملاحظات المرتبطة بملف العمالة الوافدة .. التي تؤكد على الفوضى التي يعاني منها .. وما يترتب عليه من ضياع ملايين الدولارات على بلدنا مع كل اسف .
ليبقى السؤال الكبير .. اين موقع هذا الملف الوطني الذي يعاني من الفوضى على اجندات الاجتماعات والورش التي تعقد تنفيذا لرؤية التحديث الاقتصادي بشكل خاص ، ومخرجات منظومة التحديث ممثلة بالمسار الاقتصادي بشكل عام ؟!.
واخيرا .. من يستعيد لبلدنا الذي يعاني اوضاعا ماليا صعبة جدا حقوقه المالية من العمالة الوافدة ؟!.