العنف ضد المرأة… جرحٌ في جسد المجتمع

mainThumb
العنف ضد المرأة… جرحٌ في جسد المجتمع

01-12-2025 10:46 AM

printIcon

بقلم: منى المشاقبة – باحثة في تمكين المرأة

لا يزال العنف ضد المرأة واحدًا من أخطر التحديات الاجتماعية والإنسانية التي تمسّ كيان المجتمع بأكمله. وبوصفي باحثة في مجال تمكين المرأة، أدرك تمامًا أن أي انتهاك لحقوقها هو انتهاك لقيم العدالة والكرامة الإنسانية، وأن معالجة هذه الظاهرة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بقدرتنا على تمكين المرأة اقتصاديًا، واجتماعيًا، وسياسيًا.

فالمرأة ليست مجرد عنصر داخل الأسرة؛ بل هي شريكة في البناء، ومنتجة للمعرفة، وركيزة أساسية في التنمية. ومع ذلك، ما زالت كثير من النساء يتعرضن لأشكال متعددة من العنف؛ من العنف الجسدي المباشر، إلى العنف النفسي الذي يترك جروحًا خفية، وصولًا إلى العنف الاقتصادي الذي يسلبها حقها في الاستقلال والاختيار.

ومن خلال دراستي في مجال تمكين المرأة، أؤمن بأن تمكينها ليس رفاهية، بل ضرورة لحمايتها من الضعف والتبعية. فالمرأة المُمكَّنة، الواعية بحقوقها، والقادرة على اتخاذ القرار، هي الأكثر قدرة على مواجهة العنف وكسر دوائره، وهي الأقدر على الإسهام في بناء مجتمع متماسك ومتوازن.

وفي إطار الجهود الوطنية للنهوض بالمرأة، لا يمكن إغفال الدور البارز الذي تقوم به جلالة الملكة رانيا العبدالله في دعم وتمكين المرأة الأردنية. فقد أسهمت جلالتها من خلال مبادراتها المتنوعة في تعزيز مكانة المرأة، وفتح الأبواب أمامها للريادة والمشاركة في مختلف المجالات. فقد ركّزت جلالتها على دعم المشاريع الريادية النسائية، وتوفير فرص التدريب والتمكين الاقتصادي للنساء في المجتمعات الأقل حظًا، إلى جانب مساهمتها في إطلاق حملات توعوية لحماية المرأة من العنف وتعزيز ثقافة احترام حقوقها. كما عملت جلالة الملكة على الارتقاء بالتعليم، إيمانًا بأن التعليم هو حجر الأساس في بناء امرأة قادرة، وفاعلة، ومؤثرة في مجتمعها. هذه الجهود مجتمعة شكّلت دعمًا حقيقيًا لمسار تمكين المرأة، وحققت أثرًا ملموسًا في حياة آلاف النساء.

إن العنف ليس قوة، بل سقوط في هاوية القيم. وليس وسيلة للتربية، بل إساءة تُدمّر الأسرة قبل أن تُدمّر المرأة. ومواجهة هذه الظاهرة تبدأ من نشر الوعي، وتعديل الأنماط الاجتماعية السائدة، ووضع تشريعات صارمة تحمي المرأة وتضمن لها حياة آمنة كريمة.

وفي النهاية… تبقى كرامة المرأة خطًا أحمر، ويظل تمكينها الطريق الحقيقي نحو مجتمع يرفض الظلم، ويؤمن بأن المرأة ليست نصف المجتمع فقط، بل هي قلبه وروحه وصانعة مستقبله.