أخبار اليوم - أثار كشف وزير الإدارة المحلية وليد المصري أمام اللجنة المالية النيابية عن تجاوز مديونية البلديات حاجز 630 مليون دينار، حالة من التساؤل حول واقع الإدارة المحلية وقدرة البلديات على تقديم خدمات تتناسب مع مستويات إنفاقها وحجم ديونها.
الوزير أوضح أن موازنة البلديات في الأصل لا تتجاوز 420 مليون دينار، بينما تقف نسب الرواتب في بعض البلديات عند حدود 75% من موازناتها، في حين أن المعدلات العالمية لا تتجاوز 25%، ما يعني أن تخصيص الموارد للخدمات الفعلية بات محدودًا للغاية.
وفي منتصف النقاشات، رصدت أخبار اليوم تساؤلات مواطنين حول جدوى هذا الإنفاق المتراكم، إذ يربط الجمهور بين تضخم الأرقام وضعف الخدمات على الأرض، متسائلين عن الأسباب التي تجعل البلديات عاجزة عن صيانة الطرق أو تطوير الإنارة أو تحسين النظافة العامة رغم حجم الإيرادات المحصلة سنويًا.
الوزير أشار إلى خطة تسديد للمديونية بالتعاون مع الجهات الدائنة، وإلى دعم يصل عبر عوائد المحروقات، كما كشف أن 110 ملايين دينار من ديون البلديات تخص المقاولين وقد تكفلت الحكومة بتسديدها. لكنه في المقابل لفت إلى أن حجم الإيجارات المستحقة على البلديات من مشاريعها التأجيرية يصل إلى 30 مليون دينار، وأن العديد من برامج التنمية الدولية التي كانت تدعم البلديات توقفت باستثناء برنامج الاتحاد الأوروبي.
في هذا السياق، يطرح المواطنون سؤالًا جوهريًا: إذا كانت هناك فرص استثمارية يمكن طرحها — بحسب ما قال الوزير — فلماذا لا تتولى البلديات إدارتها؟ ولماذا باتت معظم مصاريفها تذهب رواتب وبنود تشغيلية دون أن تنعكس على تحسين الخدمات؟
وتوقف المصري عند ملف إدارة النفايات الصلبة، مشيرًا إلى أن مكب الأزرق مثال على مكب صحي “أخضر بالكامل”، لكنه تحدث أيضًا عن الحاجة إلى تغيير أسلوب إدارة هذا القطاع، لافتًا إلى أن كثيرًا من دول العالم اتجه نحو إشراك القطاع الخاص في هذه الصناعة.
في ضوء هذه المعطيات، يبدو أن أزمة البلديات ليست رقمًا ماليًا فقط، بل منظومة إدارة تحتاج إلى إعادة تقييم، لأن المواطن يقيس الأداء بما يراه في شارعه وحيّه، وليس بما يُعرض في مداولات الموازنات. السؤال الذي يتكرر هو: كيف يمكن معالجة أرقام الدين دون إصلاح نمط الإنفاق؟ وكيف يمكن للبلديات أن تستعيد دورها التنموي إذا كانت مواردها تبتلعها بنود التشغيل؟
هذه الأسئلة تتصدر اهتمام الأردنيين اليوم، لأن البلديات هي أقرب مؤسسات الدولة إلى حياتهم اليومية، وما لم يجدوا تحسنًا ملموسًا في الخدمات، ستبقى الأرقام مجرد بيانات لا تغيّر واقعهم.