(أخبار اليوم – ساره الرفاعي)
قال النائب السابق الدكتور محمد أبو هديب إن التوقعات التي رافقت مشروع التحديث السياسي، وما تضمنه من تعديلات دستورية وتشريعية واسعة، كانت تشير إلى إمكانية تشكيل برلمان جديد قادر على إحداث تحول فعّال في الحياة السياسية الأردنية. وأوضح أن المواطنين كانوا ينتظرون مجلسًا ترتقي فيه الكتل الحزبية بخطابها وبرامجها، وتفرض حضورها داخل القبة من خلال مواقف واضحة تلزم الحكومة بمناقشة تلك البرامج وتنفيذ جزء منها.
وبيّن أبو هديب أن الواقع جاء مخالفًا لهذه التوقعات، حيث يضم المجلس الحالي أربع أو خمس كتل حزبية تشكل أكثر من ثلثي النواب، مع ذلك لم تتمكن أي كتلة من إدخال جزء ملموس من شعاراتها أو برامجها الانتخابية إلى عمل المجلس أو لجانه. وأشار إلى أن النواب المنتمين إلى هذه الكتل يصوتون بطريقة فردية وغير موحدة، ما يشير إلى هشاشة البناء الحزبي وعدم قدرته على تشكيل موقف برلماني متماسك، باستثناء العبارات العامة التي يرددها بعض النواب عند الحديث باسم الحزب.
وأضاف أن المواطن لم يلحظ أي اختلاف جوهري بين أداء البرلمان الحالي والبرلمانات السابقة، بل إن بعض المؤشرات تُظهر تراجعًا في الفاعلية، إذ إن أكثر من 1500 سؤال نيابي لم تتم الإجابة على سوى أقل من 10% منها، ما يعكس ضعف الدور الرقابي وتراجع مستوى الخطاب السياسي. وأكد أن البرلمان غاب عن أصعب وأخطر الأحداث التي شهدتها المنطقة، ما دفع وسائل الإعلام للجوء إلى الأكاديميين والخبراء بدل النواب، بينما الأصل أن يكون البرلمان حاضرًا وقادرًا على توجيه الرأي العام في هذه اللحظات المفصلية.
وأشار أبو هديب إلى أن مشروع التحديث السياسي لم يُترجم إلى واقع داخل المجلس، ولم تنجح الكتل في ملامسة هموم المواطن أو إحداث فرق في السياسات الحكومية وفق البرامج التي فازت على أساسها. ورأى أن المشهد البرلماني ما يزال بحاجة إلى عقلية مختلفة لإدارة الشأن السياسي، في ظل استمرار تأثير المال الأسود وشراء الأصوات وبعض الممارسات التي أضعفت صورة المجلس وسمعته لدى المواطنين.
وختم بأن البرلمان لم يتمكن من إقناع الشارع بأن هناك تغييرًا حقيقيًا في الحياة السياسية، وهو ما قد يؤثر على المشاركة السياسية مستقبلًا، مؤكدًا أن المرحلة المقبلة تتطلب مراجعة عميقة لدور الكتل الحزبية وآلية عمل البرلمان حتى يكون جزءًا حقيقيًا من عملية البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد.