أخبار اليوم – سارة الرفاعي
قال الصحفي حازم عكروش إن قضية أراضي الفحيص المقام عليها مصنع الإسمنت تُعد من أكثر الملفات البيئية والاقتصادية تعقيدًا في تاريخ المدينة، مشيرًا إلى أن تأسيس مصنع الإسمنت في خمسينيات القرن الماضي خلّف آثارًا بيئية وصحية جسيمة طالت الإنسان والحجر والشجر، واستمرت لعقود دون مراعاة حقيقية لمعايير السلامة العامة أو البيئة.
وأوضح عكروش أن تصاعد القضية بدأ مع إعلان شركة الإسمنت نيتها بيع الأراضي والخروج من الصناعة، في وقت كانت فيه الحكومة الأردنية قد باعت مصنعي الفحيص والطفيلة خلال مرحلة الخصخصة مقابل نحو 90 مليون دينار فقط، رغم التصريحات الرسمية آنذاك التي ربطت البيع بإدخال تكنولوجيا حديثة وتحسين الصناعة، وهو ما لم يحدث على أرض الواقع، بل تحولت الشركة إلى تحقيق أرباح كبيرة ورفعت أسعار الإسمنت على المواطنين.
وبيّن أن بيع المصنعين تم بأثمان متدنية، في حين صرّح أحد مديري الشركة في وقت سابق بأن كلفة إنشاء مصنع إسمنت جديد تصل إلى نحو 350 مليون دينار، مؤكدًا أن أراضي الفحيص التي تبلغ مساحتها قرابة 1800 دونم استُهلكت للنفع العام، وبحسب القانون، فإن انتهاء النفع العام يفرض إعادة توجيه استخدام الأرض، لا بيعها بعد استنزافها بيئيًا وجغرافيًا.
وأشار عكروش إلى أن هذه الأراضي تحتاج إلى إعادة تأهيل وفق قانون البيئة وقانون سلطة المصادر الطبيعية، محذرًا من أن بيعها سيُفاقم الأزمة المرورية والبيئية في مدينة الفحيص، التي تعاني أصلًا من ضغوط عمرانية وخدمية كبيرة.
وأكد أن لجنة تقرير الخصخصة التي شُكّلت بإرادة ملكية برئاسة الدكتور عمر الرزاز أشارت إلى وجود شبهات فساد في ملف الإسمنت، لافتًا إلى تصريحات سابقة للرزاز أكد فيها أن أراضي المصنع ليست من حق الشركة، ويجب أن تعود لخدمة المنطقة بعد استنزافها.
وتحدث عكروش عن شكاوى قُدمت إلى هيئة مكافحة الفساد بشأن القضية، إلا أنها حُفظت دون رد حاسم، معتبرًا أن تفسير قانون النفع العام الذي جرى إقراره لاحقًا، واعتبر أي تصرف حكومي بالأراضي نفعًا عامًا، شكّل ضربة قاسية لحقوق الفحيص وأهلها.
وأضاف أن لجوء الشركة إلى قانون الإعسار، الذي أُقر عام 2019، فتح مسارًا جديدًا لصالح الشركة، رغم تعارضه مع الاتفاقات السابقة مع المجتمع المحلي، مشيرًا إلى أن صدور الحكم لصالح شركة لافارج أعقبه مباشرة استقالة رئيس مجلس إدارتها آنذاك، في واقعة موثقة إعلاميًا.
وشدد عكروش على أن ما جرى يُظهر نمطًا من تردد الحكومات في مواجهة المستثمر الأجنبي، والخشية من اتخاذ قرارات حاسمة تحمي المصلحة العامة، ما أدى إلى التفريط بحقوق مستقبلية لمدينتي الفحيص والطفيلة.
وختم بالتأكيد على أن أهالي الفحيص لا يطالبون بعودة الأراضي كملكية خاصة، بل يدعون إلى استثمارها وطنيًا لخدمة الدولة والمنطقة، عبر مشاريع بنية تحتية وثقافية وسياحية ورياضية، تشمل مدينة معارض، وقصر مؤتمرات، ومرافق عامة وحدائق، معتبرًا أن قضية أراضي الفحيص قضية وطنية بامتياز تتطلب قرارًا سياسيًا واضحًا يعيد توجيه الأرض للصالح العام ويخفف من أزمات المنطقة المتراكمة.