DATABASE VEWS UPDATED 10
أخبار اليوم – سهم محمد العبادي - تشهد الساحة الأردنية سنويًا عشرات الندوات والمؤتمرات واللقاءات الرسمية، التي تتناول قضايا اقتصادية واجتماعية وتنموية مختلفة، وتخرج في معظمها بخطابات مطوّلة وتوصيات مكتوبة ولجان متابعة، دون أن يلمس المواطن انعكاسًا مباشرًا لهذه المخرجات على واقعه اليومي أو مستوى الخدمات المقدّمة له.
ورغم كثافة هذه الفعاليات وتكرارها في مؤسسات رسمية وشبه رسمية، إلا أن النتائج العملية بقيت محدودة، حيث تُعاد مناقشة الملفات ذاتها في أكثر من مناسبة، بنفس العناوين تقريبًا، وبخطاب متشابه، فيما تغيب مؤشرات الإنتاجية والتنفيذ على أرض الواقع.
ويشير متابعون إلى أن المشكلة لا تكمن في عقد الندوات أو المؤتمرات بحد ذاتها، بل في غياب الربط الواضح بين ما يُطرح فيها من توصيات وبين آليات التنفيذ والمتابعة، ما يجعل هذه اللقاءات أقرب إلى منصات خطابية منها أدوات عمل قادرة على إحداث تغيير ملموس.
وفي المقابل، نجح الخطاب العام في توصيف الأزمات وتشخيص المشكلات بدقة، سواء في ملفات الاقتصاد أو التعليم أو الخدمات أو الإدارة العامة، إلا أن هذا النجاح لم يواكبه تقدم فعلي في الإنتاجية أو تحسين الأداء، الأمر الذي عمّق الفجوة بين ما يُقال في القاعات وما يعيشه المواطن خارجها.
ويعبّر مواطنون عن شعور متزايد بأن المؤتمرات والندوات أصبحت نشاطًا متكررًا بلا أثر واضح، حيث تُعلن التوصيات وتُشكّل اللجان، ثم تختفي النتائج، دون مساءلة أو تقييم حقيقي لما تم إنجازه، أو ما تعثر، أو أسباب عدم التنفيذ.
ويرى مختصون أن استمرار هذا النمط أسهم في ترسيخ ثقافة تعتبر الخطاب إنجازًا بحد ذاته، في وقت تتراجع فيه الإنتاجية، ويتباطأ التنفيذ، ويزداد شعور المواطن بأن ما يُناقش لا ينعكس على مستوى معيشته أو جودة الخدمات التي يتلقاها.
وفي ظل هذا الواقع، تبرز الحاجة إلى إعادة النظر في جدوى عقد الندوات والمؤتمرات بالشكل الحالي، وربطها بخطط تنفيذية واضحة، وجداول زمنية محددة، ومؤشرات قياس قابلة للتقييم، بما يضمن أن لا تبقى الخطابات حاضرة، بينما يغيب الأثر.
ويؤكد متابعون أن المرحلة المقبلة تتطلب الانتقال من كثافة النقاش إلى جدية التنفيذ، ومن وفرة الخطابات إلى وضوح النتائج، حتى لا تبقى المؤتمرات والندوات محطة للحديث فقط، بل أداة حقيقية لإنتاج سياسات يشعر المواطن بثمارها على أرض الواقع.