أخبار اليوم - سمير الصمادي - اعتبرت الدكتورة عبير عبدالكريم العناني، المتخصصة في مناهج وأساليب التدريس، أن توجه تأنيث مدارس الذكور في المراحل التعليمية المبكرة في الأردن، لا سيما المدارس التي تنتهي بالصف السادس الأساسي وما دونه، يمثل قرارًا تربويًا يعكس تحوّلًا في السياسات التعليمية ويهدف إلى تعزيز عدد المعلمات الإناث في هذا النوع من المدارس، مع ما يحمله من أبعاد إيجابية وسلبية يجب التعامل معها بحذر وتخطيط مدروس.
وأوضحت العناني أن من أبرز الإيجابيات المحتملة لتأنيث مدارس الذكور في الصفوف المبكرة، ما تشير إليه الدراسات من تحسن في التحصيل الدراسي، خصوصًا في مجالات اللغة والتواصل، في ظل وجود معلمات قادرات على توفير بيئة تعليمية دافئة وداعمة نفسيًا وعاطفيًا، بما ينعكس إيجابًا على أداء التلاميذ.
كما بيّنت أن وجود المعلمات قد يُسهم في تعزيز الشعور بالأمان لدى الطلاب الصغار الذين لا يزالون في مرحلة ارتباط نفسي قوي بأمهاتهم، إلى جانب تطوير مهاراتهم الاجتماعية والعاطفية من خلال التفاعل المستمر مع معلمات يمتلكن مهارات في التعاطف والتواصل، بالإضافة إلى دورهن كنماذج سلوكية إيجابية، وفتح فرص توظيف جديدة للخريجات في قطاع التعليم.
لكنها في المقابل، نبهت إلى عدد من التحديات المرتبطة بهذا التوجه، من بينها غياب النموذج الذكوري الإيجابي عن حياة الطالب، خصوصًا في ظل قلة المعلمين الذكور في هذه المدارس، الأمر الذي قد يؤثر على التنوع في أساليب التربية والتعليم. كما أبدت تخوفًا من ضعف السيطرة والانضباط داخل الصفوف، لا سيما في المراحل المتقدمة من التعليم الأساسي، حيث قد تواجه بعض المعلمات صعوبات في إدارة السلوك الذكوري النشط داخل الصف.
وأشارت العناني إلى أن القرار قد يؤدي إلى إعادة توزيع غير مدروس للكفاءات التعليمية، وتقليل فرص العمل للمعلمين الذكور العاملين في تلك المدارس، مما يتطلب خططًا واضحة لضمان التوازن والعدالة. وأضافت أن بعض المجتمعات المحلية قد تبدي مقاومة للتغيير، مفضلة بقاء المعلمين الذكور في مدارس البنين لأسباب ثقافية أو اجتماعية.
كما لفتت إلى أن هذا التوجه يتطلب استعدادًا إداريًا ولوجستيًا من حيث نقل الكوادر وتعديل الهياكل التعليمية، فضلًا عن ضرورة تجنب ترسيخ الصور النمطية التي تحصر المرأة في أدوار الرعاية والدعم العاطفي.
واختتمت د. عبير العناني حديثها بالتأكيد على أن القرار يحمل فرصًا حقيقية لتحسين جودة التعليم في السنوات المبكرة، لكنه في الوقت نفسه يفتح الباب أمام تساؤلات وتحديات تستوجب دراسات معمقة، وتطبيقًا يستند إلى خطط واضحة وشاملة تراعي الجوانب التربوية والنفسية والاجتماعية لضمان مصلحة الطالب والمجتمع على حد سواء.