غزوة التعليم العالي والحكومة في الجامعات…!

mainThumb
غزوة التعليم العالي والحكومة في الجامعات…!

05-05-2025 03:58 PM

printIcon

د. مفضي المومني

منذ أيام والجسم الجامعي في جامعاتنا الحكومية بحالة استنفار... واستغراب…وإحباط بسبب مرسوم ضبط الإنفاق من لدن الحكومة ووزير التعليم العالي…!، والذي تضمن وقف التأمين الصحي الخاص، و وتخفيض مخصصات الموازي لسقف 40%، وطلب تغيير التشريعات بهدف وقف مكافأة نهاية الخدمة والإدخار…وضبط التعيينات.. ، واشيع لتبرير القرار أن رؤساء خمس جامعات هم من طلب ذلك… وانصاعت الحكومة لطلبهم المبجل كما لم تنصاع من قبل..!

مشاكل التعليم العالي وبالذات الجامعات معروفة وكتبت فيها كثيراً وبسرديات تحتاج لثورة بيضاء…واستراتيجيات مرحلية لحلها… فأتى المرسوم المبجل... لينهي مشاكل الجامعات المالية من حيث ندري ولا ندري..! وهذه أول الغزوات في عقر الجامعات التي تترنح بالمديونيات… والرئاسات… وتراجع البحث العلمي، وتطوير البرامج.. والعالمية وحمى التصنيفات… والباقيات الصالحات..!.

الواقع أن التعليم العالي يسير بقوة الدفع الذاتي…المفضي للقصور الذاتي.. في علم الفيزياء… والوصول للنقطة الحرجة… لا سمح الله، دون خطط أو إجراءات حصيفة لحل مشاكل التعليم العالي من لدن سدنته…واقتصار التطوير على فزعات وفزاعات... من وزير ذاهب وآخر قادم…أو سكن تسلم... وكأننا في أحسن حالاتنا… والواقع أننا احوج ما نكون لفكر التغيير والتطوير المبني على دراسات وخطط…قبل أن نفقد البوصله..!.

في مرسوم الحكومة والذي تم التراجع عنه اليوم…بعد موجة من الاستياء من أساتذة الجامعات والعاملين فيها.. وربما بتأثير من القطاع الطبي الخاص المستفيد من تأمين الجامعات…وفوق هذا التغول على استقلالية الجامعات التي اصبحت تترنح منذ زمن…، وخيراً حصل بالغاء المرسوم لأنه يوغل في اضعاف الجامعات وإحباط أساتذة الجامعات والعاملين فيها… وسينعكس سلباً على مخرجات التعليم الجامعي، ناهيك عن مسلسل تسرب الكفاءات من جامعاتنا الذي بدأ منذ زمن… وبحيث تصبح جامعاتنا بيئة طاردة للأكفاء...وربما يبحث البعض إيصال الجامعات الحكومية للإفلاس تمهيداً لتخصيصها…!.

حل مديونية الجامعات الآني بسيط…أولا:
يبدأ بتسديد الحكومة والجهات المبتعثة للديون المترتبة والمتراكمة عليها للجامعات منذ سنوات للجامعات.
ثانياً: إعادة تخصيص دينار الجامعات (الذي اختفى في الخزينة...!)…بحيث يذهب لدعم الجامعات.
ثالثا: أن يصبح التعليم والتعليم العالي أولوية لدى الحكومات…كما الدفاع والصحة…وتنعكس الأولوية على الاهتمام بالجامعات ودعمها وضبط التشريعات والمراقبة والتقييم…والتمويل وتشجيع القطاع الخاص لدعم الجامعات... لنضبط مؤشر التراجع… ونتقدم إلى الأمام.

أما ما جاء في مرسوم ضبط الإنفاق:
1- التأمين الصحي للعاملين في الجامعات، مدفوع باشتراكات العاملين ونسب التحمل، وسقوف التغطية، وهو اختياري للعاملين، وهو بحاجة لضبط وتدقيق لسوء الاستخدام، أو الفواتير والإجراءات المضخمة من قبل مقدمي الخدمة.

2- تحديد الموازي بما لا يزيد عن 40% ، مكافاءات الموازي أتت لتغطي تآكل رواتب العاملين في الجامعات وعدم زيادتها لأكثر من 20 عاماً…ومدفوعة من عوائد برنامج الموازي… وهي متدنية في بعض الجامعات....
3- مكافئة نهاية الخدمة حق مكتسب لاساتذة الجامعات المعينين قبل 2013، وما بعده الغيت واصبحت راتب ثالث عشر وبعض الجامعات لا تدفعها… نتيجة العجز، وهي من الامتيازات الاستقطابية لأساتذة الجامعات.. وتدفعها كل المؤسسات والشركات، وصندوق الادخار هو مساهمة تقتطع من العاملين ومساهمة من الجامعة تدفع بعد نهاية الخدمة أو أثنائها وبنسب حسب التشريعات لتساعد عضو هيئة التدريس في تسديد التزاماته الحياتية.

4- الحد من تعيين غير الاردنيين…(وهو في حدوده الدنيا عملياً..!) مع أن أحد معايير التصنيفات العالمية وجود أعضاء هيئة تدريس دوليين..! فهل يعرف ذلك من قرر..!.

5- عدم تعيين اداريين الا بموافقة مجلس الوزراء… المشكلة أن الفنيين والمدربين والمشرفين على المختبرات والمشاغل يحسبوا على الإداريين، ولا يمكن الإستغناء عنهم… وإخضاعهم لبيروقراطية الموافقات… يعطل العملية الاكاديمية ويضعفها… ويمكن ضبط التعيينات من خلال تنسيبات هيئة الخدمة المدنية… ومؤسسات الرقابة والشفافية كي لا تتدخل الواسطات ..!.

اذا كان التعليم أولوية وطنية فيجب دعم أعضاء الهيئة التدريسية والادارية وتعزيز حوافزهم لا محاولة تقليصها على مبدأ(حصان البخيل..!)، وجعل الجامعات بيئة طاردة للخبرات والكفاءات العلمية... كنا ننتظر خطوات مدروسة وخلاقة لدعم الجامعات.. والعاملين فيها… لا قرارات محبطة ذات أثر سلبي… تتغول على استحققاقات العاملين في الجامعات…بغزوة المرسوم الذي تم الغاؤه؛ ونرجو أن لا يتكرر..

وكل من يفكر بهذه الطريقة من رؤساء جامعات أو مسؤلي التعليم العالي يجب أن يغادروا… ويحل محلهم من يقدر قيمة الجامعات ودورها في نهضة وتطور البلد… التفكير المحدود… قصير النظر لا يتوائم مع رفعةوأهمية التعليم العالي… حمى الله الاردن.