أخبار اليوم - لم تكن الستينية أم أسامة عابد تتوقع أن تمتد مرافقتها لشقيقتها المريضة بالسرطان لأكثر من عام تقضيه خارج قطاع غزة، في انتظار العودة.
فبعد أن أنهت شقيقتها تسعة أشهر من العلاج في أحد المستشفيات المصرية، انتقلت عابد معها إلى مدينة العبور، حيث يقيم عدد من الفلسطينيين العالقين بانتظار فتح معبر رفح الحدودي للعودة إلى غزة.
وقالت أم أسامة لصحيفة "فلسطين": "غادرنا غزة للعلاج خلال فترة الحرب، لكننا وجدنا أنفسنا في حالة من التيه. نعيش على أمل فتح المعبر، ونحاول التواصل مع أهلنا، لكن الشوق لا يُروى برسائل أو مكالمات".
وأضافت: "الوضع مرهق نفسيًّا وماليًّا. صحيح أن بعض المؤسسات تقدم مساعدات، لكننا نضطر لتأمين احتياجات كثيرة على نفقتنا الخاصة". وتابعت: "أبناؤنا عاطلون عن العمل، ولا يستطيعون إرسال المال. نعيش على ما تبقى معنا من مال وبعض المساعدات المحدودة".
وبحسب تقديرات منظمات إنسانية، هناك ما لا يقل عن 1,200 فلسطيني من غزة، بين مرضى ومرافقين، عالقون حاليًّا في مصر بانتظار فتح معبر رفح.
من غزة إلى الأردن، انتقل هاني أبو الخير برفقة ابنه المريض، بعدما تكفلت مؤسسة إنسانية بعلاجه، لكنه اضطر لترك زوجته وأطفاله الأربعة في غزة، ليقضي شهورًا طويلة في ظروف صعبة.
وقال أبو الخير لـ"فلسطين": "أدخلت ابني مدرسة داخل أحد المخيمات الفلسطينية ليكمل تعليمه، فهو في مرحلة الثانوية، ولا يمكنه تضييع عامه الدراسي. لكننا نعيش وسط قلق يومي".
وأوضح أن المنظمة تغطي تكاليف العلاج فقط، أما الإقامة والتنقل والمصاريف اليومية والدراسة فهي على عاتقه. وأضاف: "الوضع يزداد صعوبة، وأشعر أنني محاصر بين واجب الأبوة وضيق الغربة".
وتفيد إحصاءات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بأن هناك أكثر من 300 طالب فلسطيني من غزة يتلقون تعليمهم خارج القطاع في ظروف مؤقتة وغير مستقرة، أغلبهم من أبناء المرضى أو اللاجئين الذين أُجبروا على المغادرة لأسباب صحية أو أمنية.
أما الأربعيني سامر أبو عبيد، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة، فقد خاض واحدة من أخطر محاولات النجاة. غادر غزة إلى مصر، ومنها إلى تركيا، على أمل الوصول إلى أوروبا. استقل قاربًا متجهًا نحو اليونان برفقة زوجته وأبنائه الثلاثة هربًا من جحيم الحرب، لكن القارب غرق، ومات بعض من كان معه، بينما نجا هو وأسرته.
وقال أبو عبيد لـ"فلسطين": "كنت أبحث عن فرصة حياة لم أجدها في غزة، ولم أجدها في أوروبا. ما وجدته هو الموت، والغربة، والإهانة".
ويعيش أبو عبيد اليوم في تركيا بلا دعم، وبلا أفق واضح. وأضاف: "كل ما أريده الآن هو العودة إلى غزة. حتى إن كان الوطن مثقلاً بالحرب والحصار، فهو ما تبقى لي من معنى للحياة".
وبحسب تقارير منظمة الهجرة الدولية، حاول أكثر من 500 فلسطيني من غزة الهجرة عبر البحر خلال العامين الماضيين، أغلبهم من الشباب، بينهم ذوو إعاقة وأسر بأكملها، وقد سُجلت عشرات حالات الغرق في تلك المحاولات المحفوفة بالموت.
فلسطين أون لاين