"دور المهندس الأردني"
الأخوات والإخوة الكرام،
المهندسات والمهندسين الزملاء،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أخبار اليوم - في يومٍ تتوشحُ فيه الذاكرةُ بالكرامةِ والوجدانُ بالعزّة، نحتفي باستقلالِ وطنٍ لم يكن يوماً مجردَ حدودٍ مرسومةٍ على الخريطة، بل كان إرادةً عصيّةً على الانكسار، وصوتاً لا يلين في وجهِ الصعاب. هذا اليوم ليس مناسبةً نحتفل بها فحسب، بل محطةٌ نتوقف عندها لنستعرض كيف نواصل البناءَ على إرثٍ وُلد من التحدي وصنع المجد.
في قلب هذا الإرث، يقف المهندس الأردنيّ شامخاً، شاهداً على تحولات الوطن، ومشاركاً فاعلاً في صناعتها. لم يكن المهندس الأردني يوماً عاملاً خلف الكواليس فقط، بل كان – وما يزال – أحد أعمدة الاستقلال العمليّ، يمارس سيادته على الأرض بالعلم والخبرة، ويترجم حبّه لوطنه في كل حجرٍ يضعه، وكل فكرةٍ يصوغها، وكل مشروعٍ يبنيه على أساس من الدقة والإبداع.
لقد خَبِرَ المهندس الأردني الندرة، ولم يرتبك. تعامل مع الجغرافيا الصعبة لا كعائق، بل كفرصة للابتكار. من قسوة الصحراء، ووعورة الأرض، وقلّة الموارد، انطلقت عبقريته في تصميم حلولٍ مستدامة؛ ابتكر في إدارة المياه والطاقة والبيئة، وصاغ من ظروفنا القاسية منصاتٍ للتميز العلمي والعملي. جعل من الشمس مصدراً للطاقة، ومن الرياح مورداً للحياة، ومن قطرة الماء ثروةً لا تُهدر. هنا، تتجلى عبقرية الهندسة الأردنية: توظيف الندرة لصنع الكفاءة، وتسخير المنعة لصياغة مشاريع لا تُقهر.
وما يميّز المهندس الأردني ليس فقط خبرته في التعامل مع الطبيعة، بل قدرته على استشراف المستقبل والتعامل مع المجهول. في عالمٍ مليء بالتقلبات البيئية والاقتصادية والاجتماعية، أصبح دور المهندس لا يقتصر على البناء، بل على التخطيط والإدارة للأزمات والمخاطر. من رحم التحدي، يصنع الفرص، ومن كل أزمةٍ يُعيد رسم الحل. لم تعد الهندسة مجرد حسابات، بل أصبحت عقلية قيادية، تنظر للمشهد كاملاً، وتحسن اتخاذ القرار في لحظاتٍ فاصلة.
ولأن المستقبل يبدأ بخطوة وعي، فإن على المهندس الأردني اليوم أن يُضاعف جهوده في تطوير أدواته، وتحديث معارفه، وتعزيز حضوره العلمي والمهني عربياً ودولياً. لدينا من الكفاءات ما يؤهلنا لنكون قادة التغيير في قطاعات التكنولوجيا الخضراء، والمدن الذكية، وإدارة المخاطر، لا تابعين في سباق الابتكار. بل إن مهندسينا، الذين طبعوا أسماءهم في مشاريع عالمية، عادوا اليوم ليضعوا علمهم في خدمة وطنهم، يطوّرون الجامعات، ويوسعون آفاق البحث، ويقودون المبادرات من أجل أردنٍ أكثر مرونةً واستعداداً للمستقبل.
أيها الأحبة،
إن الاستقلال ليس فقط لحظةً تاريخية نحتفل بها، بل هو مسؤولية يومية نمارسها في كل موقع. وحين نتأمل حجم الأدوار التي يضطلع بها المهندس الأردني – من بناء البنى التحتية إلى رسم سياسات التنمية المستدامة – ندرك أننا أمام ركنٍ صلب في صيانة السيادة وتعزيز جودة الحياة.
فلنواصل هذا الدور بفخر، ولنحمل شعلة الاستقلال لا في الاحتفال فقط، بل في الأداء، في الابتكار، في الإخلاص، في الإيمان العميق بأن هذا الوطن يستحق منا الأفضل دائماً. وليكن المهندس الأردني، كما كان دوماً، حارس البناء، ورائد النهضة، وضمير التنمية، برؤية ثاقبة غرسها قائد المسيرة التي تستمر ولا تتوقف، جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم وولي عهده الأمين الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، قصة إيمان وإصرار ومنعة ولدت من الندرة عنوانها الأردن، وغلافها فخر واعتزاز بجيشنا العربي المصطفوي يرسم فصولها الأردنيات والأردنيون، المهندسات والمهندسون على امتداد المهنة والوطن.
كل عام وأنتم بخير،
وكل عام والأردن في عزٍّ وكرامةٍ وتقدّم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.