أخبار اليوم - أدَّى حجاج بيت الله الحرام صلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً في مسجد نمرة، وامتلأت جنبات المسجد بالحجيج الذين توافدوا إلى صعيد عرفات منذ فجر اليوم وسط منظومة أمنية خدمية متكاملة.
ودعا الشيخ الدكتور صالح بن حميد إمام وخطيب المسجد الحرام في خطبة يوم عرفة لحج هذا العام، إلى التقوى والتمسك بدين الله الذي أكمله في مثل هذا اليوم، والعمل بشرعه خوفاً من عقابه ورجاء حسن ثوابه،
وأكد الدكتور صالح حميد على أن صلة الأرحام وبر الوالدين وقول الصدق وطيب اللفظ والوفاء بالعقود والعهود وحسن الأخلاق، والصبر عند البلاء، والشكر عند النعماء، والتوبة والندم بعد المعصية والجفاء من الإيمان بالله، وأنه بالإيمان تحصل النجاة والفوز بخيري الدنيا والآخرة، فالإيمان يتضمن الإيمان بالله رباً وخالقاً ومدبراً للكون ومتصفاً بالصفات العلى والأسماء الحسنى.
وأضاف خطيب يوم عرفة، أن شهادة أن محمداً رسول الله تقتضي طاعته في أمره وتصديقه في خبره والسير على طريقته في عبادته لربه، وتقرير الرسالة لمحمد صلى الله عليه وسلم رفع لما يكون من نزاع بين الأمة وتوحيد مصدر التلقي فيها، وفيه تتحد العبادات ولا تختلف طرائق أدائها فتسلم من البدع بعبادة الله بما لم يرد في الكتاب والسنة، وبذا يجتمع الخلق وتتألف القلوب.
وأكد الشيخ صالح بن حميد خلال الخطبة على أن الصلاة هي صلة بين العبد وربه، وسبب لنجاته وتنظيم وقته، وطريق لاستشعار العبد في مراقبة ربه له، وبذلك يتدرب على القيام بالمهام والمسؤوليات، وفيها طهارة للنفس.
وحثَّ المسلمين على الالتزام بالأنظمة والتعليمات والتوجيهات المنظمة للحج، وهو جزء من تحقيق مقاصد الشريعة، ويُعد واجباً دينياً وأخلاقياً وسلوكاً حضارياً يعبر عن روح التعاون والانضباط ويضمن انسيابية حركة الحجاج.
وقال: «إن ما توليه قيادة السعودية من عناية واهتمام بالغين بعمارة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، وما تقدمه للحجاج ممثلة في أجهزتها الخدمية والأمنية، تمكنهم من أداء مناسكهم وشعائرهم بأمن وطمأنينة ويسر».
كما حثَّ الحجاج على أداء الزكاة باعتبارها تطهيراً للنفوس من البخل والشح والأنانية، وتدريباً للنفس على البذل والعطاء، وتفقد حاجة المحتاجين، وتقوية الصلات الاجتماعية وربط أفراد المجتمع بعضهم بعضاً بما يجلب المحبة ويزرع الألفة ويحقق التكافل الاجتماعي.
ويُعد مسجد نمرة أحد أبرز المعالم الدينية والتاريخية في مشعر عرفات، حيث يتوافد إليه الملايين من الحجاج لأداء صلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً اقتداءً بهدي النبي، صلى الله عليه وسلم، في خطبة حجة الوداع، التي ألقاها في موضع المسجد.
ويقع المسجد في طرف عرفات، ويُعرف تاريخياً بعدة أسماء، منها: «مسجد النبي إبراهيم»، و«مسجد عرفة»، و«مسجد عُرنة»، و«مسجد الخليل»، إذ يعود تأسيسه إلى منتصف القرن الثاني الهجري في عهد الخلافة العباسية، بينما شهد أكبر توسعة له في تاريخه في العهد السعودي، ليغدو اليوم بمساحة تتجاوز 110 آلاف متر مربع، تستوعب نحو 350 ألف مصلٍ.
ويتكوّن المسجد من ست مآذن يبلغ ارتفاع كل منها 60 متراً، وثلاث قباب، و10 مداخل رئيسية تحتوي على 64 باباً، إضافة إلى غرفة بث إذاعي مجهزة لنقل خطبة عرفة وصلاتي الظهر والعصر مباشرة عبر الأقمار الاصطناعية.
وضمن موسم حج هذا العام، فرشت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد المسجد بسجاد فاخر على مساحة بلغت (125) ألف متر مربع، وشرعت في تنفيذ حزمة من المشروعات التطويرية النوعية، شملت تهيئة بيئة المسجد بما يعزز راحة الحجاج وسهولة أدائهم للمناسك، وتركيب (19) مظلة في الساحة الخلفية للمسجد، تسهم في خفض درجة الحرارة بمعدل (10) درجات مئوية، ودهان الأرضيات بمادة عاكسة لأشعة الشمس، إلى جانب تشغيل (117) مروحة ضباب موصولة بشبكات مياه عالية الضغط لتلطيف أجواء الساحات المحيطة، بما يسهم في خفض الحرارة بمعدل (9) درجات مئوية، بالإضافة إلى تحديث نظام التهوية والتكييف بنظام تحكم ذكي، يراقب جودة الهواء ومستويات ثاني أكسيد الكربون، ويتيح تجديد الهواء داخل المسجد بنسبة (100 في المائة) مرتين في الساعة، بما يضمن بيئة صحية وآمنة لضيوف الرحمن.