أخبار اليوم - عواد الفالح - في الوقت الذي تصاعدت فيه حدة التوترات الإقليمية، وأُطلقت الصواريخ في سماء المنطقة، أصدرت مديرية الأمن العام والجهات المختصة في الأردن سلسلة من التحذيرات الرسمية تدعو المواطنين إلى الابتعاد عن المناطق المفتوحة، وعدم الاقتراب من الأجسام الغريبة أو الشظايا المتساقطة، حفاظًا على السلامة العامة وتفاديًا لأي خطر محتمل.

ورغم وضوح هذه التحذيرات وخطورتها، برزت مظاهر سلبية ومقلقة في السلوك المجتمعي، حيث أقدم بعض المواطنين على التجمهر في أماكن سقوط الشظايا، وقاموا بتصويرها، بل والتقاط صور "سيلفي" بجانبها، ونشر فيديوهات وتعليقات ساخرة على منصات التواصل الاجتماعي، وكأنهم في حدث ترفيهي، لا في موقف أمني يستدعي الحذر والجدية.

ما لا يدركه البعض أن هذه الشظايا قد لا تكون مجرد بقايا معدنية، بل قد تحمل في داخلها موادًا متفجرة لم تنفجر بعد، أو تحتوي على مكونات قد تكون ملوثة بإشعاعات ضارة. الاقتراب منها والتصوير بجانبها لا يمثل فقط استهتارًا بالسلامة، بل يشكّل خطرًا مباشرًا على الحياة، وقد يؤدي إلى وقوع إصابات أو كوارث لا تحمد عقباها.

السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا هذا الاستهتار؟
ولماذا يصرّ البعض على التعامل مع الخطر بروح النكتة والمزاح؟

خبراء في علم الاجتماع يعتبرون أن هذه الظاهرة تعكس غيابًا جزئيًا في ثقافة إدارة الأزمات، وانخفاضًا في منسوب الإحساس بالمسؤولية لدى فئة من الأفراد، الذين لا يدركون حجم المخاطر المحيطة، ولا يتعاملون مع التحذيرات بجدية كافية.

في المقابل، برزت أصوات وطنية كثيرة تطالب عبر وسائل التواصل الاجتماعي بوقف هذا النمط من السلوك، داعية إلى التحلي بالوعي والاتزان، وإدراك أن ما يجري ليس مجالًا للنكات أو "الترندات"، بل لحظة وطنية حرجة تتطلب الدعاء، والانضباط، واحترام توجيهات الجهات الأمنية المختصة.

"اللهم احفظ الأردن، مليكًا وشعبًا وأرضًا"، هذا ما ردده المئات ممن اختاروا أن يواجهوا هذا الظرف الصعب بالدعاء والتضرع إلى الله، لا بالتصوير أو الاستهزاء.

اليوم، يتوجب على الجميع أن يدركوا أننا أمام واقع حساس، وأن السلامة مسؤولية جماعية، تبدأ من وعي المواطن، واحترامه لتحذيرات الدولة، وإدراكه أن الأردن ليس في معزل عن محيطه، وأن أي تصعيد – لا قدّر الله – ستكون له تداعيات أمنية واقتصادية واجتماعية قد تطال الجميع.

السخرية لا توقف الشظايا…
والسيلفي لا يمنح الأمان…
والجدّية هي السبيل الوحيد لعبور الأزمات بسلام.