أخبار اليوم - أكد مدير برنامج التأهيل المجتمعي في جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية، مصطفى عابد، أن نحو 6 إلى 7 آلاف طفل من المصابين بالشلل الدماغي في قطاع غزة يواجهون ظروفًا كارثية تهدد حياتهم بشكل مباشر، في ظل حرب الإبادة المستمرة والحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ أكثر من 20 شهرًا.
وقال عابد لصحيفة فلسطين: "هذا العدد ارتفع بشكل ملحوظ خلال الحرب نتيجة التدهور الحاد في الأوضاع الصحية والمعيشية".
وأوضح أن فئة الأطفال المصابين بالشلل الدماغي تُعد من أكثر الفئات هشاشة في المجتمع الفلسطيني، فهم يعانون من إعاقات متعددة ومركبة تشمل الإعاقات الحركية، والسمعية، والبصرية، والعقلية، إضافة إلى نوبات الصرع، ما يتطلب تقديم خدمات طبية وتأهيلية ونفسية متكاملة.
لكن الحرب، بحسب عابد، حرمتهم من أبسط حقوقهم الأساسية، موضحًا أبرز أشكال المعاناة التي تواجههم، وفي مقدمتها:
انعدام الرعاية الطبية وخدمات التأهيل: دُمّرت مراكز التأهيل ومرافق العلاج الطبيعي بالكامل، وتوقفت جلسات العلاج الطبيعي والوظيفي والنطق بشكل تام. كما أدّى انقطاع الكهرباء ونفاد الوقود إلى تعطّل الأجهزة الطبية الحيوية مثل الفرشات الكهربائية وأجهزة الأكسجين.
غياب الأجهزة المساعدة: أشار إلى عدم توفر الكراسي المتحركة والأدوات المساندة، نتيجة تدمير البيوت وتوقف إنتاج وصيانة هذه الأجهزة، إضافة إلى انقطاع أدوية التشنجات والاحتياجات الطبية الأخرى.
كما لفت عابد إلى تدهور التغذية والرعاية الأساسية، مشيرًا إلى نقص حاد في الغذاء المناسب، وخاصة الأطعمة المهروسة، ما يتسبب بمشاكل خطيرة في تغذية هؤلاء الأطفال.
وأشار إلى غياب الأمان وصعوبة النزوح، إذ لا يستطيع الأطفال الهروب عند القصف أو الوصول إلى أماكن آمنة، لا سيما مع تعطّل الكراسي الكهربائية أو عدم القدرة على شحنها. كما توقف التعليم الخاص الموجه لهذه الفئة بشكل كامل.
توقف المؤسسات
وفي ما يخص المؤسسات المتخصصة، أوضح عابد أن معظمها توقفت عن العمل كليًا، خاصة في شمال غزة ورفح وخان يونس. ورغم عودة بعض المؤسسات جزئيًا، مثل مستشفى حمد للتأهيل وجمعية فلسطين المستقبل، فإن مؤسسات أخرى مثل مبرة فلسطين، والهلال الأحمر في خان يونس، وجمعية المعاقين حركيًا في غزة ورفح، ما تزال متوقفة بالكامل، إلى جانب توقف معظم مراكز العلاج الطبيعي الحكومية والخاصة.
وأكد أن القطاع يشهد نقصًا حادًا في الكوادر المتخصصة، إذ استُشهد عدد من العاملين، ونزح آخرون، وتوقّف بعضهم عن العمل بسبب تدمير أماكنهم أو انقطاع الرواتب أو تعذّر الوصول إلى المناطق المنكوبة، ما سبّب نكسات صحية ونفسية مباشرة لهؤلاء الأطفال.
دعوة عاجلة
ووجّه عابد نداءً عاجلًا للمجتمع الدولي والمؤسسات الإنسانية للتدخل الفوري والشامل لضمان بقاء وكرامة هؤلاء الأطفال، في ظل استمرار العدوان والحصار.
وعدّد أبرز الاحتياجات العاجلة، وتشمل: الرعاية الطبية والتأهيلية (توفير جلسات العلاج الطبيعي والوظيفي، وأدوية التشنجات)، والمعدات المساعدة (كالكراسي المتحركة، العكاكيز، المشايات، الجبائر)، والدعم النفسي والسلوكي (جلسات دعم نفسي وتعديل سلوك)، والتعليم الخاص (تهيئة بيئة تعليمية مناسبة وتوفير معلمين مدربين)، والتغذية والرعاية المنزلية (غذاء خاص، مكملات غذائية، مستلزمات نظافة شخصية)، ومراكز إيواء مهيأة، وتيار كهربائي دائم لتشغيل الأجهزة.
وطالب بالضغط من أجل إنهاء الحرب ورفع الحصار وفتح المعابر لضمان حرية الحركة وتلقي العلاج، وتطبيق الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
واختتم عابد تصريحه بالتأكيد أن أطفال الشلل الدماغي في غزة يواجهون تحديات وجودية تهدد حياتهم اليومية وقدرتهم على البقاء، قائلًا: "هؤلاء الأطفال يعيشون الموت البطيء يوميًا... وهم بحاجة ماسة للإنقاذ الآن، قبل فوات الأوان."
فلسطين أون لاين