أخبار اليوم - عمّان - صفوت الحنيني - أكدت الكاتبة والباحثة السياسية د. هديل قدسي في حديث خاص لـ"أخبار اليوم" أن استثناء غزة من أي اتفاق أو مفاوضات تتعلق بوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل يطرح تساؤلات جوهرية تتعلق بتعقيد المشهد الإقليمي وتباين أولويات الفاعلين فيه.
وقالت قدسي إن السؤال المطروح لا يلامس فقط غياب غزة عن شروط إيران التفاوضية، بل يكشف بعمق منطق الدول في إدارة الأزمات بناءً على حسابات المصالح القومية لا العاطفية أو الرمزية. وأضافت: "الدول، بما فيها إيران، لا تتحرك وفق ضغط وجداني، بل وفق مصلحة استراتيجية مباشرة، وهذا ما يفسر عدم اشتراط إيران وقف العدوان على غزة ضمن تفاهماتها مع إسرائيل".
وأشارت إلى أن إيران تُدير معركتها في الإقليم بحذر بالغ، وتسعى لتقليل المخاطر التي قد تُلحق بها أذى استراتيجياً مباشراً، وبالتالي فهي تتحاشى فرض شروط قد تُفسر على أنها تصعيد مباشر أو تورط علني في دعم الفصائل المسلحة في غزة، مما قد يعرضها لضغوط دولية إضافية.
ولفتت إلى أن إيران حين تكون في موقف ضعف أو تحتاج لتهدئة، فإنها تبتعد عن "التفاصيل المربكة"، أما في حالات القوة، فهي أقدر على فرض شروط. ومع ذلك، فإن تغليبها لمصلحتها القومية يجعل من غزة ورقة غير أساسية في أولوياتها التفاوضية، خاصة إذا لم تُشكل عاملاً مباشراً في تقوية موقفها.
وتابعت قدسي بالتساؤل: "من هو المعني الأول بغزة؟ هل هي إيران أم نحن كعرب؟"، معتبرة أن جوهر الإشكالية يكمن في غياب المبادرة العربية الجماعية للمطالبة بوقف الحرب على غزة. وأضافت: "لو توفرت إرادة عربية حقيقية وموحدة للضغط، لرأينا معادلة مختلفة، وربما كان المطلب العربي هذا سيدخل تلقائياً ضمن حسابات أي طرف إقليمي، بما في ذلك إيران".
وختمت بالقول إن ما يحدث اليوم يعكس حقيقة المواقف الإقليمية، ويطرح سؤالاً أكبر:
"لماذا لا يكون مطلب وقف الحرب على غزة عربياً أولاً قبل أن يُطلب من الآخرين؟"، مشددة على أن غياب هذا الدور العربي هو الذي يفسح المجال لإيران لأن تتحرك بما يتماشى مع مشروعها فقط، لا مع تطلعات الشارع العربي ولا القضية الفلسطينية.