أخبار اليوم - تتصاعد مطالباتٌ برلمانية وشعبية بمراجعة شاملة لملف الإحالة المبكرة على التقاعد، عقب شكاوى متزايدة من موظفين في قطاعات حكومية وبلدية تشير إلى قرارات إحالة اتُّخذت دون استكمال اشتراكات الضمان الاجتماعي، أو من غير تنسيقٍ مسبق يضمن عدم ضياع الحقوق. ويؤكد متضررون أن الممارسة الحالية ترتّب آثارًا اجتماعية واقتصادية مباشرة على الأسر محدودة الدخل، وتزرع حالة من عدم الاطمئنان الوظيفي.
ويذهب المشتكون إلى أن بعض قرارات الإحالة لم تُراعِ الفارق بين السنّ القانوني وعدد الاشتراكات الفعلية، وأن موظفين عادوا لأعمالهم على عقود مؤقتة بعد توقف الرواتب لأشهر، ما أحدث فجوةً مالية لا يغطيها بدل التعطل. ويطالب هؤلاء بإلزام جهات القرار بالتحقق المسبق من أهلية التقاعد عبر ربطٍ إلكترونيّ فوري مع مؤسسة الضمان، قبل إصدار أي كتاب إحالة، وبصيغةٍ تُوثّق استحقاقات الموظف وتضمن دفع الاشتراكات كاملة عن الفترات المتنازع عليها.
وتؤكد آراء قانونية وإدارية أن المشكلة لا تكمن في مبدأ الإحالة المبكرة بحدّ ذاته، بل في التطبيق غير المنضبط وازدواجية المعايير؛ إذ يجري تمديد خدمات في مستويات عليا تحت عناوين «شراء الخدمات» أو «الندب»، بينما يُحال موظفون من الفئات الدنيا إلى التقاعد من دون استكمال شروط الراتب التقاعدي، الأمر الذي يفاقم شعورًا عامًا بعدم المساواة ويُضعف الثقة بالإدارة.
ويطرح مهتمون حزمة إجراءات عاجلة للإصلاح، أبرزها: تشكيل لجنةٍ مشتركة بين الحكومة والضمان وديوان الخدمة المدنية لمراجعة كل قرارات الإحالة الأخيرة والتثبت من سلامتها، وتجميد أي إحالة جماعية لحين استكمال التدقيق الفني، ووضع دليلٍ تنفيذي مُلزِم يحدد حالات الإحالة المبكرة وضوابطها، مع مسار تظلّم سريع المدد وحاسم النتائج. كما يُقترح إنشاء قاعدة بيانات وطنية محدثة تربط الموارد البشرية بالضمان لحظيًّا، وتُصدر «شهادة استحقاق تقاعدي» قبل الإحالة، بحيث لا يُوقّع أي قرار دونها.
على صعيدٍ موازٍ، يدعو مختصون إلى معالجة التشوهات التي تُلقي العبء على الضمان والمشتركين معًا؛ من خلال مراجعة نسب الاقتطاع والاشتراكات عن فترات الانقطاع القسري، وتمكين الموظف من استكمال المدد الناقصة بخياراتٍ عادلة غير مُرهِقة ماليًّا، إضافة إلى تنظيم التمديد للمناصب العليا على أسس تنافسية وشفافة تلتزم بخطط الإحلال الوظيفي، بما يرسّخ تكافؤ الفرص ويقلّل دوافع الإحالة غير المبرّرة.
وتخلص المطالب إلى أن إعادة الانضباط القانوني والإجرائي لملف التقاعد المبكر باتت ضرورةً اجتماعية واقتصادية، تحمي استدامة الضمان وحقوق العاملين معًا، وتعيد الثقة بمنظومة الخدمة العامة عبر تطبيقٍ عادل ومتسق على الجميع دون استثناء.