هل تحوّل امتحان الرياضيات التوجيهي إلى "كسر عظم" بين واضعي الأسئلة ومعلمي المنصات ودفع الطلاب الثمن؟

mainThumb
هل تحوّل امتحان الرياضيات التوجيهي إلى "كسر عظم" بين واضعي الأسئلة ومعلمي المنصات ودفع الطلاب الثمن؟

26-06-2025 03:33 PM

printIcon

أخبار اليوم – لم يكن امتحان الرياضيات لهذا العام مجرد محطة تقييم أكاديمي ضمن امتحانات الثانوية العامة، بل تحوّل إلى مثار جدل واسع، استدعى إعادة النظر في فلسفة الامتحان وغاياته، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت الامتحانات الوطنية لا تزال تُعقد بروح العدالة التربوية والقياس الموضوعي، أم أنها أصبحت ساحة لصراع غير مباشر بين أطراف العملية التعليمية، خاصة واضعي الأسئلة من جهة، ومعلمي المنصات التعليمية من جهة أخرى.

لقد ظهرت المؤشرات الأولى لحالة الإرباك مع تداول ملاحظات متعددة من الطلبة والمراقبين حول صعوبة الأسئلة، لا من حيث المحتوى فحسب، بل من حيث الطريقة التي طُرحت بها، والتركيز المكثف على مهارات التفكير العليا مقابل تراجع الأسئلة المباشرة التي تعكس التدرج المنطقي في الفهم والاستيعاب، وهو ما أثار تساؤلات حول مدى ملاءمة الامتحان لمستويات الطلاب كافة.

ويرى تربويون أن فلسفة الامتحانات الوطنية يجب أن تراعي الفروقات الفردية، بحيث توزع الأسئلة بشكل متوازن، يتيح الفرصة للطالب المتوسط كما المتميز، دون أن يكون الامتحان أداة لإقصاء شرائح واسعة من الطلبة، أو وسيلة لإثبات التفوق في إعداد الأسئلة، بل أداة قياس دقيقة وشاملة للمعرفة والمهارات.

في المقابل، تُطرح تساؤلات موازية حول أثر المنصات التعليمية على البيئة الامتحانية. إذ باتت المنصات تمثل مصدرًا رئيسًا لتحضير الطلبة، بما تحمله من توقعات ونماذج وأساليب شرح، ما جعل جزءًا من المشهد التربوي يشهد حالة من التوتر غير المعلنة بين من يضع الامتحان ومن يقدم المحتوى الموازي، في ظل غياب التنسيق أو التشاركية بين الطرفين، وهو ما يعيد النقاش حول ضرورة ضبط الإيقاع التربوي بين التعليم النظامي والتعليم الموازي.

أما على مستوى الأثر النفسي، فإن الامتحانات المتقدمة بصعوبتها، لا سيما في مواد أساسية ومفصلية كـ"الرياضيات"، تترك أثرًا بالغًا على الطلبة، وقد تسهم في تعزيز القلق والتحطيم النفسي بدلًا من التحفيز على التفكير، خصوصًا حين يشعر الطالب أن الجهد المبذول طوال العام لا يترجم في ورقة الامتحان، وأن المعركة لم تعد بينه وبين المادة، بل بين جهات أخرى وهو مجرد ضحية فيها.

وفي ضوء ما حدث، تصاعدت المطالبات من أولياء أمور الطلبة بضرورة صدور توضيح رسمي من وزارة التربية والتعليم، يفسّر ما وصفوه بـ"الكارثة" التربوية، ويوضح كيف وُضعت هذه الأسئلة، وما المرجعيات التي استندت إليها، مطالبين بإعادة الاعتبار لمنطق العدالة والواقعية في الامتحانات الوطنية، وصون مستقبل الطلاب من أعباء لا ذنب لهم فيها.

في ظل كل ذلك، تبرز الحاجة إلى مراجعة شاملة لمنظومة الامتحانات الوطنية، تعيد الاعتبار إلى المفهوم التربوي للقياس، وترسّخ العدالة في التقييم، وتبني جسور الثقة مجددًا بين الطالب والنظام التربوي، بعيدًا عن لغة التحدي والاستعراض، فالأجيال لا تُبنى في ميادين الصراع، بل على أسس متوازنة من المعرفة والإنصاف والاحتواء.