القرعان يكتب : الإشاعة: أداة الفوضى الناعمة وتهديد خفي للسلم المجتمعي

mainThumb
د محمد كامل القرعان

06-07-2025 09:32 PM

printIcon



في زمن تدفّق المعلومات وسرعة النشر، باتت الإشاعة إحدى أخطر أدوات التشويش والإرباك المجتمعي، إذ لا تستند إلى حقائق، لكنها قادرة على إحداث أثر يفوق وقع الأحداث الحقيقية أحيانًا، وهو ما حذّرت منه مديرية الأمن العام مؤخرًا، في ظل ما تمّ تداوله عبر مواقع التواصل حول قضايا الإتاوات والبلطجة.

الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام نفى صحة كل ما يتم تداوله حول عودة ظاهرة "البلطجة" وانتشار الإتاوات، مؤكدًا أن ما جرى من حوادث في بعض المناطق لا يعدو كونه خلافات شخصية ولحظية، لا ترقى لمستوى الظواهر الأمنية أو السلوك المنظم.

الأخطر من الوقائع ذاتها، كما تشير المديرية، هو الترويج المتعمد للمبالغات أو الأكاذيب حولها، والتي تُبث من حسابات مجهولة أو مشبوهة بغرض إثارة الرأي العام، والتأثير في وعي المواطنين، وخلق حالة من الخوف أو الغضب الشعبي، ما يستدعي وقفة واعية تجاه التعامل مع المعلومة.

وتؤكد مديرية الأمن العام أنها كانت دومًا سبّاقة في نشر أي قضية تهم الرأي العام وبكل شفافية، وهو ما يجعل اللجوء إلى مصادر غير رسمية أو تناقل أخبار دون تحقق، سلوكًا خطيرًا ومُجرَّمًا بموجب القانون، خاصة إذا ترتب عليه زعزعة ثقة المواطن بمؤسساته.

في هذا السياق، تبرز أهمية الإعلام المهني والواعي، ودور المواطن المسؤول في التحقق من الأخبار قبل مشاركتها، لأن الإشاعة لا تنتشر بقوة من يطلقها، بل من كثرة من يشاركونها دون وعي.

ويحذّر المختصون من أن بعض الإشاعات ليست عفوية، بل تُدار ضمن استراتيجيات تضليل منظمة قد تُستهدف بها الدولة أو مؤسساتها، ما يجعل من التصدي لها واجبًا وطنيًا، لا مهمة الأجهزة الأمنية فحسب.

في الختام، الوعي المجتمعي هو خط الدفاع الأول ضد حملات التضليل والإشاعات، فالكلمة التي تُنشر بلا تحقق، قد تكون شرارة فتنة أو معول هدم لثقة المواطنين. فلنكن جميعًا شركاء في حماية الحقيقة، وصُنّاعًا لأمننا المعلوماتي والوطني.

د محمد كامل القرعان
أكاديمي وكاتب صحفي