د. صبري ربيحات
مع اني شخص نصف بدوي طاف الدنيا إلا أني حافظت على انحيازي للاشياء و الموضوعات التي احتفظت بقوامها وطبيعتها وهويتها ومعاييرها وتجتاحني الريبة من كل الأشياء التي فقدت الطبيعة والخواص والهوية.
لذا ومع حبي الشديد لبعض انواع الشوربه الا اني لا احب ابدا تلك الأنواع التي يجري خلطها في المولينكسات فتختفي ملامح مكوناتها وتصبح مزيجا من أشياء لا تشبه اطلاقا ايا من الأشياء التي اعرفها.
الشوربه بتعريف اليوم طبق لا يعجبني ولا يريحني لفظ اسمه فقد أصبح الاسم مرتبطا بالفوضى والضياع
حقيقة الأمر اني لا أعرف سبب الربط
بين الشوربه والفوضى فكثيرا ما اسمع البعض يقول " ان الوضع أصبح شوربه او حد علمك ما شيء على محله ".
اعتقد ان للربط بين الشوربه والفوضى علاقة بحالة السيولة الخاصة بالشوربه والتي تصهر المكونات وتفقدها القوام الذي يحافظ على جوهرها و طبيعتها
في ثقافتنا العربية يقدر الناس الصلابة والجمود ويمقتون السيولة و الرخاوة والميوعة فيقولون ان فلان صلب وجامد وفلان قامة وغالبا ما
ينتقدون الأشخاص اللينين
الشوربه ليست طبقا بذاته فنادرا ما يقدم كوجبة مع انها لا تغني من الجوع. في طفولتنا كان للشوربه
أهمية أكثر من تلك التي تحظى بها هذه الأيام.
فقد كانت تقدم مع الخبز في صحن الفتيت ليشكلا طبقا غنيا يملاء العين والمعدة ويكونا بذلك وجبة الأسرة الأهم والألذ.
شوربة العدس او الرشوف كانتا الأكثر حضورا على موائد أهلنا يليهما في الشهرة شوربة الفريك التي غالبا ما تعد في مناسبات خاصة.
لا يوجد وصفة دقيقة لإعداد الشوربة التقليدية ولا احد يكترث للتباين بين مذاق ومذاق فكل الذي يهم انها تحوي العناصر الأساسية وان لها مذاق وتجسرالجائع على تناول نصيبه من الخبز فتسد الجوع وتمنح من يتناولهاشعور الإمتلاء.
شوربات هذه الأيام مليئة بالكريمات وفذلكات الطهارة لكنها خالية من كل المواد الطبيعية التي نعرفها. هروبا من الشوربات الكريميه أصبحت افضل نوعا من انواع الشوربات الصينيه التي تحافظ على كل مكوناتها من الخضار النصف مطهية لكي اكون أكثر اطمئنانا لما يدخل جوفي.