بقلم : أسامة الرنتيسي
لم تمض سنتان على إقرار آخر قانون للضمان الاجتماعي إلا وتتوجه النية لإقرار قانون جديد، بدأت المناقشات حوله مبكرة.
عدم الاستقرار التشريعي صفة غالبة في القوانين الأردنية، وقد شهدنا قوانين كثيرة أعيدت من جديد، وهي متلازمة لا تمنح البلاد والعباد استقرارا وشعورا بأن الأمور تدرس بعناية وأن لا قانون يقر إلا يُشبع بحثا ونقاشا وتمحيصا وتدقيقا.
قد؛ وأقول قد، أكون من أكثر الصحافيين الذين كتبوا عن مؤسسة الضمان الاجتماعي ودافعوا عنها في وقت الأزمات، خاصة عندما تغولت الحكومات المتعاقبة على أموال الضمان واستدانت منه أكثر من 11 مليار دينار.
كما دافعتُ عن آخر قانون أقر للضمان الاجتماعي وعاتبني كثيرون على ذلك.
ودافعت عن سياسات الضمان واستراتيجيته المعتمدة على دراسات إكتوارية كما كانوا يقولون لنا ولم نر نتائجها يوما، وقلت دائما وما أزال أقول: إن الضمان الاجتماعي هو سند الأردنيين الأخير، وإذا أصابته أية هزة – لا سمح الله- فسيتزلزل كيان الأردنيين ماليا واجتماعيا.
ولم أنتقد يوما ممارسات الضمان بحق متقاعديه، ولا حتى الزيادات الفلسية التي تقر لمتقاعدين لم تزد في بعض السنوات عن 30 قرشا لبعض الرواتب، والحجة أنها تعتمد على نسب التضخم.
لكن ما تمارسه المؤسسة بحق أعضائها في حالة الوصول إلى التقاعد لا يمكن أن يكون عادلا ولا شفافا، فالمتقاعد ينتظر اليوم الذي يصل فيه إلى عمر الستين، ليتمم عملية قرار التقاعد، ويكون قد حسب بالفلس والدينار ما سيحصل عليه من راتب تقاعدي، ليتفاجأ بقرار مجحف من لجنة التقاعد ولجان التفتيش بعدم موافقتها على راتبه الأخير إذا كان قد حصل فيه على زيادة، وتتهمه فورا بأنه رفع راتبه في الفترة الأخيرة لتحسين راتبه التقاعدي، فلا تعتمده، وتعتمد الراتب السابق، فيصاب المتقاعد بالصدمة.
ليس أمامه سوى تقديم شكوى للجنة الشكاوى في الضمان، ولأن المشكلة عامة وليست فردية فيحتاج المتقاعد نحو عام كامل كي يحصل على قرار من لجنة الشكاوى، التي ترفض في كثير من الحالات مبررات المشتكي.
ليس من حق الضمان أن تستمر سنوات وهي تستوفي من المشترك على أعلى راتب وبعد ذلك لا تعترف به، فإذا كان لديها ملحوظات على زيادة الراتب فعليها أن تبلغ المشترك فورا حتى يصوب أوضاعه ولا يستمر في دفع مخصصات الضمان وبعد ذلك يفاجأ بقرار عدم الاعتراف.
زميل ورئيس تحرير صحيفة يومية، استمر سنوات وهو يدفع قيمة اشتراك الضمان اشتِراكًا اختياريا على آخر راتب كان يحصل عليه من صحيفته، بحيث كان يدفع نحو ألف دينار شهريا، وبعد أن أتم سنوات التقاعد، تفاجأ أن المؤسسة لا تعترف براتبه الأخير، وتقدم بشكوى ولا حياة لمن تنادي.
هذا تغول مكشوف على حقوق المشتركين في حالة التقاعد، وليس ذنب المشترك إذا تعثرت مؤسسته أو أغلقت الشركة التي كان يعمل بها فتبرر مؤسسة الضمان عدم وجود منشأة للتواصل معها والتثبت من الزيادات التي حصلت في راتب المتقاعد.
في سلوكات مؤسسة الضمان الكثير من السلبيات والتغول على حقوق المنتسبين والمتقاعدين، وليس من العدل أن يتم تخيير المتقاعد بين تقديم شكوى أو الذهاب إلى المحاكم لتحصيل حقوقه.
سأواصل كشف هذه السلوكات في مقالات مقبلة.. وللحديث بقية.
الدايم الله.