د. العطين يكتب: الاقتصاد الأردني… في رحم من بالضبط؟! مراجعة لكتاب د. جعفر حسان

mainThumb
د. العطين يكتب: الاقتصاد الأردني… في رحم من بالضبط؟! مراجعة لكتاب د. جعفر حسان

07-08-2025 11:35 AM

printIcon

د.سلطان ابراهيم العطين

في كتابه “الاقتصاد السياسي الاردني: بناء في رحم الازمات”، يحاول دولة جعفر حسان ان يقدم رواية متماسكة عن تطور الاقتصاد الاردني، من بداياته المتعثرة الى محاولات الاصلاح التي ما فتئت تُعلق على شماعة الظروف. لكن القارئ المتابع لا يلبث ان يكتشف ان هذا الكتاب، رغم لغته الدقيقة واسلوبه المنهجي، يبدو كوثيقة اكاديمية انفصلت تماما عن الواقع الذي يعيشه المواطن الاردني كل يوم. هذا المقال جاء بعد قراءة كتاب دولة جعفر حسان الذي يبلغ ثمنه 12 دينارا اردنيا، وهو سعر ليس بالبسيط في بلد تُقدَّر فيه قيمة الكتب احيانا اكثر من قيمة السياسات التي تتحدث عنها. ولاننا دفعنا الثمن، كان لا بد من قراءة نقدية توازي قيمة الورق، لا مجاملة للمؤلف ولا لموقعه الحالي كرئيس للوزراء.

الكتاب يتحدث عن التحولات الاقتصادية وكانها وقائع جرت في مختبر نظري، لا في بلد يعاني من بطالة مزمنة، وديون متراكمة، وتفاوت طبقي لا تخطئه العين. يتحدث عن “الارادة السياسية” و”الادارة الفاعلة” و”التنفيذ”، وكان هذه المفاهيم وجدت طريقها الى المؤسسات، في حين ان الاردني العادي لا يرى من كل ذلك سوى تغييرات شكلية، وخطابات مكررة، ووعود لا تصل الى الشارع ،الازمات التي يتناولها الكاتب تُعرض وكانها ظواهر طبيعية، لا نتيجة قرارات اقتصادية او خيارات سياسية تم اتخاذها بعلم وسبق اصرار، احيانا وهو في قلب تلك المنظومة. وحتى حين يُلمح الى الاخفاقات، يفعل ذلك بحذر شديد، وكان المطلوب هو التوثيق المهذب لا المكاشفة الصادقة.

الكتاب لا يقدم رؤية عملية للخروج من المازق، بل يعيد تدوير افكار قديمة بلغة جديدة. وهو اذ يرسم صورة تحليلية متقنة، الا انها تظل صورة من خارج المشهد، لا تنتمي الى تفاصيل الواقع الحقيقي الذي يعرفه الناس. كانه يتحدث عن اقتصاد اخر، في بلد اخر، بغير الادوات التي نعرفها، في النهاية، الكتاب مفيد كمرجع نظري، لكنه عاجز عن لمس نبض الواقع. هو نص مكتوب من اعلى، بلغة السلطة والخبرة، لكنه لا يسمع صوت من هم في الاسفل، ممن يعيشون “الازمة” لا كمصطلح سياسي، بل كحياة يومية لا تتغير.



news image