مشروع "المزرعة الذكية" في الأردن خفّض هدر المياه بنسبة 30%

mainThumb
مشروع "المزرعة الذكية" في الأردن خفّض هدر المياه بنسبة 30%

16-10-2025 01:20 PM

printIcon

أخبار اليوم - أكد ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) في الأردن، نبيل عسّاف، أن عام 2025 شهد نقلة نوعية في ابتكار حلول لمواجهة ندرة المياه والتغير المناخي في المملكة، من خلال إطلاق مشاريع ذكية في القطاع الزراعي.

وفي مقابلة صحفية خاصة مع قناة "المملكة" بمناسبة اليوم العالمي للأغذية، قال إن الفاو ركّزت خلال العام على الابتكار في إدارة الموارد المائية عبر مشروع "المزرعة النموذجية الذكية" في مناطق مختارة؛ وهو مشروع يجمع بين تقنيات الري المعتمدة على البيانات وأجهزة استشعار التربة وصور الأقمار الصناعية لتحديد كميات الري الدقيقة التي يحتاجها المحصول، ما أسهم في خفض هدر المياه بنسبة تصل إلى 30% في المواقع التجريبية.

وأضاف أن المشروع شمل أيضًا تطبيق تقنيات الحصاد المائي المتطورة، عبر دعم المزارعين في إنشاء سدود ترابية صغيرة لتجميع مياه الأمطار، بما وفّر مصدرًا رديفًا للري في المناطق الجافة. كما وسّعت الفاو نطاق الزراعة المائية داخل البيوت البلاستيكية لإنتاج الخضروات، وهي تقنية توفّر ما يصل إلى 90% من مياه الري مقارنة بالزراعة التقليدية، بما يشكّل ترجمة عملية لمفهوم الزراعة المقاومة للمناخ ويعزّز قدرة القطاع الزراعي على الصمود أمام التغيرات البيئية.

الاستزراع السمكي… قصة نجاح

سلّط عسّاف الضوء على تجربة الاستزراع السمكي في الأغوار بوصفها قصة نجاح وطنية تُبرز إمكانية تحويل تحديات المياه إلى فرص اقتصادية وغذائية مستدامة، موضحًا أن المشروع يأتي في إطار تطوير حلول مبتكرة لمواجهة ندرة المياه، وذلك من خلال استخدام المياه غير المستغلّة لتربية الأسماك، ما مكّن العائلات الريفية من تحسين دخلها وتحقيق قيمة غذائية مضافة دون هدر للمياه.

وأوضح أن الفاو عملت على تحويل برك تخزين المياه غير المستغلّة إلى مزارع سمكية صغيرة ومتوسطة، جرى من خلالها تدريب أكثر من 50 أسرة ومجموعة تعاونية خلال عام 2025، مشيرًا إلى أن المشروع ساعد في توفير مصدر دخل جديد ومستدام للأسر المشاركة، حيث ارتفع دخلها بنسبة تتراوح بين 40% و50% خلال السنة الأولى.

وأضاف أن المشروع لم يقتصر على البعد الاقتصادي فحسب، بل حقق أثرًا غذائيًا مباشرًا من خلال توفير مصدر بروتين عالي القيمة بأسعار مناسبة للمجتمعات المحلية وتقليل الاعتماد على استيراد الأسماك.

وبيّن عسّاف أن الفاو اعتمدت في هذا المشروع أنظمة مغلقة أو شبه مغلقة للحفاظ على المياه والبيئة، معتبرًا أن هذه التجربة تبرهن على قدرة القطاع الزراعي في الأردن على خلق فرص عمل خضراء وتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة.

التحول الرقمي في الزراعة

قال ممثل الفاو إن مستقبل الأمن الغذائي في الأردن يعتمد على الجيل الجديد، مشيرًا إلى أن الفاو أطلقت خطة عمل لتمكين الشباب الأردني والباحثين الزراعيين عبر التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي.

وأوضح أن هذه الخطة تشمل إنشاء "قرى رقمية زراعية" تربط التكنولوجيا بالأمن الغذائي، إلى جانب دعم حاضنات "أغرو-تك" لتطوير تطبيقات وحلول رقمية موجّهة للتحديات المحلية مثل إدارة المياه والموارد الزراعية.

وأضاف أن الفاو تعمل على إتاحة بيانات زراعية مفتوحة — تشمل خرائط التربة وتوقعات الإنتاج — عبر تطبيقات ذكية على الهواتف، بما يساعد المزارعين على اتخاذ قرارات دقيقة في عمليات الري والزراعة اليومية.

وأكد عسّاف أن الهدف من هذه الجهود هو تحويل الزراعة الأردنية من مهنة تقليدية إلى قطاع تقني حديث، جاذب للشباب ومربح اقتصاديًا، يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز استدامة الأمن الغذائي في المملكة.

وقال: "يستطيع المزارع الأردني اليوم عبر تطبيق على الهاتف الذكي تحديد كمية مياه الري المطلوبة باستخدام حساسات في التربة ومعطيات مناخية فورية؛ إذ تُسهم هذه الأنظمة في تقليل الهدر في المياه وتوجيه الإرشاد الزراعي بدقة. كما يُسمح باستخدام المياه المعالجة أو ذات الملوحة المنخفضة لزراعة محاصيل مقاومة للجفاف والحرارة".

وأوضح أن الفاو تسعى إلى جعل الزراعة الأردنية أكثر خضرة واستدامة من خلال دمج مفهوم الاقتصاد الأخضر، باستخدام الأسمدة العضوية وتقليل المبيدات، وتشجيع الابتكار الزراعي لتحسين الإنتاجية مع المحافظة على البيئة.