العاصمة على خارطة التحديث الاقتصادي

mainThumb

30-10-2025 09:05 AM

printIcon

وضوح الرؤية والمسار ضروري لتحقيق الأهداف التنموية، خصوصًا في ثالوث “الطاقة، النقل، والمياه” الذي يشكل ركيزة أساسية للأمن الوطني والاقتصادي والذي أشارت له رؤية التحديث الاقتصادي بوضوح. المشاريع التي أعلنتها الحكومة للعاصمة تبشر بفهم واقعي لاحتياجات الاقتصاد الأردني وترتبط مباشرة بمشاريع الرؤية، وتشمل السياحة، النقل، الطيران المدني، الأمن المائي، التعليم، الصحة، رأس المال البشري، الإسكان، التنمية العمرانية، والتشريعات الاستثمارية.

لذلك يبرزمشروع تلفريك جبل القلعة كأحد أهم المشاريع الاستثمارية والسياحية، إذ سيربط جبل القلعة باللويبدة والمدرج الروماني، مما يعزز الحركة الاقتصادية في وسط وشرق العاصمة. المشروع سيخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة في قطاع السياحة والخدمات والمطاعم والفنادق، ويرفع قيمة الأراضي المحيطة، ويزيد الإيرادات الاقتصادية للمدينة، ما يجعله محركًا مهمًا للنمو المحلي.

في قطاع النقل، تهدف الحكومة إلى تحسين حركة المواطنين وتقليل الخسائر الاقتصادية الناتجة عن الازدحام عبر توسعة خدمات الباص سريع التردد لتصل إلى السلط، وزيادة عدد الحافلات لمسار عمّان–مأدبا. كما يشمل التخطيط إنشاء الجسر العلوي بين صويلح وناعور لتخفيف الضغط على الطرق الرئيسة، واستغلال خط الحديد الحجازي لتشغيل قطار خفيف بين عمّان والزرقاء وربطه لاحقًا بمطار الملكة علياء. هذه المشاريع تعزز التكامل اللوجستي، وتخلق بيئة جاذبة للاستثمار حول محطات النقل الجديدة، وتخفض تكلفة النقل للشركات وتحسن الإنتاجية الاقتصادية.

إعادة تشغيل مطار عمان المدني في ماركا بعد سنوات من التوقف يمثل خطوة استراتيجية لتعزيز السياحة والنقل والخدمات اللوجستية، ويوفر فرصًا استثمارية جديدة في الفنادق والمطاعم والمحال التجارية، ويخفف الضغط على مطار الملكة علياء الدولي، ما يزيد القدرة التنافسية للعاصمة على المستوى الإقليمي.

في قطاع المياه، تهدف المشاريع بقيمة 300 مليون دينار، إلى جانب مشروع الناقل الوطني للمياه، إلى تعزيز الأمن المائي وضمان استدامة النشاط الصناعي والزراعي والسكني. هذه المشاريع تقلل المخاطر الاقتصادية المرتبطة بنقص المياه، وتوفر بيئة مستقرة للاستثمار طويل الأمد، وتحمي الاستثمارات القائمة في مختلف القطاعات.

تشكل مشاريع التعليم والصحة استثمارًا في رأس المال البشري، حيث تشمل إنشاء 38 مدرسة جديدة، وتوسعة مستشفى البشير، واستحداث مبنى العيادات الخارجية في القويسمة. هذه المشاريع تحسن جودة التعليم والخدمات الصحية، وتخلق قوة عاملة أكثر كفاءة، ما يجذب استثمارات تعتمد على المهارات، ويخفض التكاليف المستقبلية على القطاعين العام والخاص.

كما تشمل مشاريع البنية التحتية الاجتماعية إنشاء مركز رياضي في مرج الحمام واستكمال حدائق الملك عبدالله الثاني، ما يعزز جودة الحياة، ويرفع قيمة الأراضي والمشاريع التجارية المحيطة، ويحفز النشاط الاقتصادي المحلي، ويجعل العاصمة أكثر جاذبية للاستثمار والسكن.

على صعيد التنمية العمرانية، تعمل الحكومة على تطوير أراضٍ في شرق وجنوب العاصمة عبر المؤسسة العامة للإسكان والشركة الأردنية لتطوير المدن والمرافق. هذه المشاريع تهدف إلى مواجهة النمو السكاني المتوقع وتحويل الأراضي الحكومية إلى أصول استثمارية مستدامة، مع توفير فرص شراكة مع مستثمرين محليين وأجانب، بما يشمل الاستاد الدولي، مركز المعارض، وأرض الجمرك القديمة، لتعزيز التنمية المتوازنة والمتكاملة.

تعديلات قانون ضريبة الأبنية والأراضي وزيادة الخصم على المباني الفارغة من 50% إلى 75% جزءًا من جهود الحكومة لتحفيز الاستثمار العقاري، وتنشيط السوق العقاري، وإعادة استخدام الأراضي غير المستغلة، ما ينعكس إيجابًا على النشاط الاقتصادي والإيرادات الحكومية.

تظهر هذه المشاريع مجتمعة استراتيجية متكاملة ذات وضوح، تجمع بين تحسين الخدمات العامة، وتعزيز الاستثمارات، وتطوير البنية التحتية، مع التركيز على التكامل بين القطاعات المختلفة. التنفيذ الفعلي لهذه المشاريع سيعيد رسم خريطة العاصمة الاقتصادية، ويخلق بيئة جاذبة للمستثمرين، ويضمن جودة حياة أفضل للمواطنين، مع قدرة على مواجهة تحديات النمو السكاني والازدحام المروري على المدى الطويل.