هل توقفت هجرة الشباب من القرى فعلًا؟ أم أن المدن أُغلقت في وجوههم؟

mainThumb
هل توقفت هجرة الشباب من القرى فعلًا؟ أم أن المدن أُغلقت في وجوههم؟

08-11-2025 10:52 AM

printIcon


أخبار اليوم - مع كل إشراقة شمس، يبدأ أبناء القرى والمحافظات رحلتهم اليومية نحو العاصمة عمان، بحثًا عن فرصة عمل تسدّ حاجاتهم وتعينهم على الحياة. مشهد يتكرّر منذ عقود، ويختصر في طياته قصة غياب التنمية الفعلية في المحافظات، رغم الخطط الحكومية المتكررة التي وُضعت تحت عنوان “تنمية المحافظات”، لكنها لم تتحول بعد إلى واقع إنتاجي ملموس.

ورغم ما يُعلن من برامج ومبادرات، يرى مواطنون أن هذه الخطط بقيت حبراً على ورق، إذ تحوّلت أغلب المحافظات إلى مناطق خدمية أكثر منها إنتاجية، تفتقر إلى المشاريع التنموية التي تخلق فرص عمل حقيقية وتُبقي أبناءها في أماكنهم، بدل أن يضطروا للانتقال إلى العاصمة أو الهجرة خارج الوطن.

وفي هذا السياق، أثار تصريح وزير العمل خالد البكار، الذي قال فيه إن “هجرة الشباب من القرى إلى المدن قد توقفت”، نقاشًا واسعًا حول حقيقة هذا التوقف وأسبابه، بين من يراه مؤشرًا إيجابيًا على تحسن فرص العمل في المحافظات، ومن يعتبره نتيجة لانسداد الأفق داخل المدن نفسها.

يرى مواطنون أن التوقف الذي تحدّث عنه الوزير لا يعكس بالضرورة توازنًا في التنمية أو تحسنًا في سوق العمل الريفي، بل يعكس واقعًا مفاده أن سوق العمل في المدن أصبح مغلقًا أمام الأردنيين بعد أن سيطرت عليه العمالة الوافدة في معظم القطاعات الخدمية والإنتاجية.

ويؤكد هؤلاء أن السبب الرئيس وراء هذه السيطرة هو تقصير وزارة العمل في واجبها الرقابي والتفتيشي على مؤسسات القطاع الخاص، إذ باتت العديد من المنشآت تفضّل تشغيل العمالة الوافدة لتقليل التكاليف، ما أدى إلى إقصاء الأردنيين عن فرص العمل الحقيقية.

ويشير مواطنون إلى أن أغلب مؤسسات القطاع الخاص لا توظف الأردنيين إلا شكليًا، مستغلّة ضعف المتابعة الميدانية وغياب إجراءات رادعة بحق المخالفين. ويقول أحد المواطنين: “إذا كان الوزير يرغب بمعرفة الحقيقة، فليأخذ جولة ميدانية بسيارته متخفيًا، ليرى بنفسه كيف يُدار سوق العمل في المدن ومن الذي يهيمن عليه فعلاً.”

وفي ضوء هذا الواقع، تتجدد التساؤلات حول أين هي خطط تنمية المحافظات؟ ولماذا لم تتحول إلى تنمية إنتاجية حقيقية قادرة على خلق فرص عمل دائمة؟ إذ يرى مراقبون أن الحل لا يكون بوقف الهجرة بل بتوفير البديل، عبر مشاريع استثمارية وتنموية متكاملة تُعيد التوازن بين العاصمة وبقية مناطق المملكة.

ويعيد هذا الجدل تسليط الضوء على أزمة التشغيل في الأردن، وعلى مدى قدرة السياسات الحكومية على حماية فرص العمل للأردنيين في ظل منافسة العمالة الوافدة، وضعف برامج التشغيل الوطنية، وعدم فاعلية الرقابة على مؤسسات القطاع الخاص.

ويبقى السؤال مطروحًا:
هل توقفت هجرة الشباب من القرى لأن التنمية وصلت إليهم؟
أم لأن المدن لم تعد تفتح لهم أبوابها؟