"الضابط هدار غولدن" .. "الصندوق الأسود" الذي ظل لغزًا 11 عامًا داخل غزة

mainThumb
"الضابط هدار غولدن".. "الصندوق الأسود" الذي ظل لغزًا 11 عامًا داخل غزة

10-11-2025 01:43 PM

printIcon

أخبار اليوم - عادت قضية الضابط "الإسرائيلي" هدار غولدن إلى الواجهة الإعلامية مجددا بعد أكثر من عقد من الزمان على اختفائه وغموض مصيره بعد فقدانه خلال معركة برية بين كتائب القسام وجيش الاحتلال "الإسرائيلي".

وتعود الحادثة لشهر آب/ أغسطس 2014 أثناء الحرب "الإسرائيلية" على غزة التي دامت آنذاك 51 يوما، وتمكنت خلالها مجموعة من كتائب القسام تنفيذ كمين محكم عبر نفق أرضي من الانقضاض على دورية إسرائيلية أثناء توغلها البري شرق مدينة رفح.

وأعلن جيش الاحتلال آنذاك مقتل عدد من جنوده، وفقدان الضابط (23 عاما)، ومنذ ذلك الحين، لم تقدم القسام أية معلومة بشأن "غولدن" واكتفت بالإعلان عن فقدان الاتصال بمجموعتها القتالية.

وفور وقوع الحادثة، أصدرت قيادة جيش الاحتلال بتعقب آثار نائب قائد السرية في "لواء جفعاتي" غير أن وحدات الجيش لم تتمكن من العثور سوى على ملابسه داخل النفق الذي نفذه عبره الكمين العسكري، ما دفع الجيش لتفعيل "نظام حنيبعل" للانتقام من المدنيين الذين عادوا لمنازلهم وقتها (هدنة إنسانية لمدة 72 ساعة) ما أسفر عن استشهاد نحو 100 مدني فلسطيني.

ورغم المجزرة الشهيرة التي عرفت بيوم "الجمعة الأسود" وتفجير الجيش لذاك النفق إلا أن "لغز هدار ظل قائما"، وبعد عام من تلك العملية، شكل جيش الاحتلال فريق تحقيق بقيادة العقيد "موشيه" من شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، وعضوية الرائد "دورا" وهي ضابط في قسم التحقيق بشعبة الاستخبارات مهمته الوحيدة: "حل لغز يوم الجمعة".

وقال الرائد "دورا": حماس قالت حينها "بأن الاتصال قطع مع الخلية من بعد الاشتباك مباشرة وحتى هذه اللحظة"، لكن حماس لم تعلن عن أسماء وجثامين أفراد الخلية أو حتى إخراجهم من النفق.

في المقابل، كشفت كتائب القسام – في الذكرى السنوية الأولى للعملية أغسطس 2015 - تفاصيل جديدة لعملية أسر الضابط "غولدن"، مشيرة إلى أن الجيش لم يعلم بفقدان الأخير إلا بعد ساعتين من عملية أسره.

وأوضح قيادي في كتائب القسام، خلال برنامج "رفح الاتصال مفقود" الذي عرضته قناة الجزيرة الفضائية، أن أحد مقاومي القسام وهو وليد توفيق مسعود استشهد خلال الكمين وكان يرتدي زيا عسكريا مماثلا للزي العسكري الإسرائيلي، وقد سحب جنود الاحتلال جثته ظنا منهم أنها تعود لـ"غولدن" قبل أن يكتشفوا بعد نحو ساعتين أنها تعود لأحد المقاومين.

وطوال تلك الأعوام أغسطس 2014- أكتوبر 2023 (طوفان الأقصى) ظلت حماس مصممة على رفضها بمنح الاحتلال أية معلومات حول مصير الضابط والجندي الأسير الآخر آرون شاؤول الذي أسرته المقاومة خلال اشتباك مسلح شرق مدينة غزة في تلك الحرب.

وطالبت حماس تكرارا جيش الاحتلال بالإفراج عن الأسرى الذين أعاد اعتقالهم (51 أسيرا) من الضفة والقدس المحتلتين، والذين تحرروا ضمن صفقة تبادل الجندي جلعاد شاليط أكتوبر 2011م مقابل الكشف عن مصير "غولدن" و"شاؤول".

حيا أم ميتا؟

والآن بعد نجاح كتائب القسام والمقاومة الفلسطينية بإتمام صفقات تبادل عبر دفعات خلال معركة "طوفان الأقصى" 2023- 2025 وتمكنها من الإفراج عن آلاف الأسرى القدامى وأصحاب المحكوميات العالية والنساء والمرضى وكذلك الإفراج عن عشرات جثامين الشهداء المحتجزة لدى الاحتلال عادت قضية الضابط "غولدن" للواجهة مجددا.

وفي إطار المفاوضات غير المباشرة بين حماس والاحتلال عبر الوسطاء: مصر، قطر، تركيا لوقف الحرب "الإسرائيلية" على غزة، عرضت قناة "الجزيرة"، أول من أمس، مشاهد حصرية لانتشال كتائب القسام جثة الضابط هدار غولدين من داخل أحد الأنفاق في مدينة رفح.

وأظهرت المشاهد انتشال عناصر القسام برفقة فريق من اللجنة الدولية للصليب الأحمر جثة الضابط الإسرائيلي من أحد أنفاقها، كما انتشلت تلك العناصر جثامين 6 شهداء من مكان انتشال جثة غولدين الذي اختفت آثاره منذ صيف 2014.

وعقب تلك المشاهد المرئية، سارع رئيس أركان الجيش إيال زامير إلى زيارة عائلة "غولدن" وأطلعها على التفاصيل المتوفرة لديه، وأكد التزامه والتزام الجيش باستعادة "هدار" وجميع الجثامين المحتجزة في غزة.

وأثارت تلك المشاهد تساؤلات عديدة حول حياة الضابط الإسرائيلي خلال 11 عاما داخل غزة، وكتب الناشط رازق الحسن: "هل يعقل أن تكلف قيادة القسام 6 من عناصرها لحراسة جثة؟"، مشيرا إلى أن وجود جثامين ستة شهداء من القسام دليل أنهم قتلوا بصواريخ إسرائيلية حديثا خلال الحرب وليس منذ عشرة أعوام.

وذكر الحسن في منشوره عبر صفحته على "فيسبوك" أن حماس تعمدت تسريب المشاهد المصورة لإحراج رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أمام عائلة "غولدن" والمجتمع والجيش الإسرائيلي الذي أعلن مقتل الضابط بعد عدة شهور من الحادثة.

لكن برأيه: "هذه المشاهد دليل أن هدار كان على قيد الحياة طوال هذه المدة الزمنية".

وغرد الناشط خالد فهد قائلا: "11 عاما مضى على احتفاظ المقاومة بغولدن بسرية تامة، وبعد عجز "إسرائيلي" أمني فاضح .. تتمكن المقاومة من استخراجه من باطن أرض رفح وتسلمه ضمن ترتيبات اتفاق وقف إطلاق النار".

ومشيدا بها: "مقاومة أعجزت الاحتلال من الوصول إلى جثامين جنوده هي مقاومة لا ولن تنكسر".

وبحسب المختص في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد، فإن زيارة "زامير" لعائلة "غولدن" تعود للأهمية الكبرى للضابط "الإسرائيلي"، وأن "إسرائيل" تحاول التخلص من قضية "اللغز القائم" في غزة.

وبتقديرات أبو عواد في حديثه لقناة "الجزيرة" أنه سيكون هناك ترتيبات عسكرية ومراسم مختلفة لاستلام جثمان "غولدن" تختلف عن استلام جثامين "الإسرائيليين" الأخرى.

ورأي في زيارة "زامير" لعائلة الضابط رسالة لإثبات صحة رأي المستوى العسكري الذي ضغط باستمرار لاستعادة هؤلاء الأسرى سواء أحياء أو جثامين، وذلك في رسالة رمزية للجمهور والجنود "الإسرائيليين"، لكن المزاج العام في "إسرائيل" أن الأخيرة لم تحقق أهدافها في الحرب على غزة أو القضاء على المقاومة.

وسلمت كتائب القسام، أمس، جثة الضابط "غولدن" إلى اللجنة الدولية تمهيدا لتسليمها لجيش الاحتلال، مشددة على حاجتها إلى طواقم ومعدات فنية إضافية لاستخراج ما تبقى من جثث القتلى "الإسرائيليين".

ونشر الإعلام العسكري للقسام صورة جثمان "غولدن" داخل أحد الأكفان، وكتب عليها: "هدار غولدن .. رفح الصندوق الأسود .. وعاد الاتصال!"

المصدر / فلسطين أون لاين