انتحال صفة الطبيب .. تجاوزات محدودة ومخالفات خطيرة تهدد المهنة

mainThumb
انتحال صفة الطبيب.. تجاوزات محدودة ومخالفات خطيرة تهدد المهنة

12-11-2025 09:33 AM

printIcon

أخبار اليوم - يعد انتحال شخصية الطبيب من القضايا البالغة الأهمية، حيث يشكل اعتداءا مباشرا على حقوق الإنسان ويهدد سلامة المجتمع.


ويصنف كل من قانوني العقوبات الأردني والصحة العامة، أفعال انتحال الصفة ضمن الجرائم الجسيمة التي تلحق ضررا بالأفراد والمجتمع، مؤكدا عدم التساهل معها.


ويؤكد المشرع الأردني عبر القوانين المختلفة، أن انتحال الصفة ليس مجرد مخالفة شكلية بل جريمة تهدد الثقة العامة وتستوجب عقوبات رادعة، حماية للمجتمع وصونا لهيبة المؤسسات الرسمية والمهن ذات الطبيعة الإنسانية كالمهنة الطبية.
نوعان من التعدي
ومن هنا، أكد الناطق الإعلامي باسم نقابة الأطباء د.حازم القرالة، أن التعدي على مهنة الطب يتخذ شكلين رئيسين، الأول يتمثل بتجاوز بعض الأطباء حدود اختصاصاتهم، أما الثاني -وهو الأخطر- فيتعلق بممارسة المهنة من قبل أشخاص غير مؤهلين أو غير حاصلين على ترخيص رسمي.
وفيما يخص النوع الأول، أوضح القرالة أن هذه الحالات نادرة للغاية ولا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، مشيرا إلى أن لكل تخصص طبي وصفا وظيفيا محددا بدقة يوضح الإجراءات المسموح بها، وقد جرى وضع هذه الضوابط بالتعاون بين النقابة والجمعيات العلمية المتخصصة.
وأضاف، إن هناك قضية منظورة حاليا أمام مجلس التأديب لطبيب عام ادعى أنه اختصاصي جراحة، ومن المتوقع صدور عقوبة صارمة بحقه قريبا، مؤكدا أن صلاحيات المجلس واسعة وتشمل فرض غرامات مالية أو منع الطبيب من مزاولة المهنة أو حتى شطب اسمه من سجلات النقابة، على أن تخضع قرارات المجلس لمصادقة مجلس النقابة قبل تنفيذها.
أما النوع الثاني من التجاوزات والمتمثل بممارسة الطب من قبل أشخاص لا ينتمون للمهنة أصلا، فقد وصفه القرالة بأنه يشكل تهديدا مباشرا للأمن الصحي الوطني.
وأشار إلى أن النقابة رصدت بالفعل بعض الحالات من هذا النوع، وقامت بمخاطبة الجهات الرسمية المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق هؤلاء المتطفلين على المهنة.
ولفت، إلى أن قانون الصحة العامة جرم ممارسة أي مهنة صحية دون ترخيص، وشدد العقوبات على المخالفين حيث نصت المادة (62/ب) والمادة (5) على عقوبة الحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر ولا تزيد على سنتين، أو غرامة مالية تتراوح بين ألفي و5 آلاف دينار، أو الجمع بين العقوبتين.
وأكد، أن النقابة ستواصل التنسيق مع الجهات الرسمية لحماية مهنة الطب وصونها من أي تجاوزات، حفاظا على سلامة المرضى وهيبة المهنة ومستوى الممارسة الطبية في المملكة.
وأشار أيضا، إلى أن النقابة تقوم بمتابعة دورية ورصد المخالفات عبر آليات متعددة، منها استقبال شكاوى المواطنين، حيث توجد لجان متخصصة؛ لجنة للأجور تراقب مدى التزام الأطباء بالتسعيرة، ولجنة للشكاوى الفنية تتولى دراسة القضايا وإصدار الأحكام المتعلقة بها.
وأوضح، أن آخر شكوى نظرت فيها هذه اللجان كانت بحق طبيب تجاوز حدود اختصاصه منذ أسابيع قليلة، حيث أوصت اللجنة بتحويله لمجلس التأديب لاتخاذ العقوبة اللازمة، وهو ما جرى بالفعل.
جريمة يعاقب عليها القانون
من جانبه، شدد نقيب الأطباء الأسبق د.أحمد العرموطي، على أن انتحال صفة الطبيب أو ممارسة مهنة الطب من دون مؤهلات علمية يعد جريمة يعاقب عليها القانون والنقابة معا، لما ينطوي عليه من مخاطر جسيمة على حياة المواطنين وسلامتهم.
وأوضح، إن العقوبة تطال حالتين أساسيتين: الأولى عندما يكون الشخص غير حاصل على شهادة الطب ويمارس المهنة من دون أي مؤهلات أو شروط، وهو بذلك يعرض حياة الناس للخطر.
أما الحالة الثانية فتتعلق بالطبيب الذي يتجاوز اختصاصه ويمارس عملا لا يمتلك المؤهلات اللازمة له، كأن يكون طبيبا عاما ويجري عمليات جراحية أو يمارس اختصاصات دقيقة مثل النسائية والتوليد من دون أن يكون مؤهلا لذلك.
وأضاف، إن مثل هذه الممارسات تمثل تزويرا للحقيقة وانتحالا لصفة لا يملكها صاحبها، وهو ما يحمله مسؤولية مضاعفة، سواء من ناحية افتقاره للمؤهلات العلمية المطلوبة أو من ناحية ادعائه تمثيل اختصاص آخر لا ينتمي إليه.
وأكد، إن هذه المخالفات تخضع لمسؤولية مزدوجة، إذ يعاقب عليها قانون النقابة والقضاء على حد سواء، مشيرا إلى أن لها أيضا جانبا مسلكيا يتعلق بمحاسبة الطبيب داخل نقابته.
شطب العضوية من سجلات النقابة
بدوره، أكد مؤسس لجنة الأخلاقيات الطبية في نقابة الأطباء د.مؤمن سليمان الحديدي، أن انتحال شخصية أي من مقدمي الخدمة الصحية سواء كان طبيبا أو طبيب أسنان أو صيدلانيا أو ممرضا يعد جريمة قائمة بذاتها، تحمل أبعادا جزائية تنتهي بالحبس والعقوبة، وأبعادا مدنية تصل إلى المحاكمة والتعويض.
وأوضح الحديدي أن خطورة هذه الجريمة تتضاعف عندما يقوم الطبيب بانتحال شخصية طبيب آخر أو اختصاص مختلف، كأن يقدم طبيب عام نفسه على أنه طبيب تجميل أو اختصاصي جراحة.
وأشار، إلى أن العقوبات في هذه الحالة تكون أشد، وتشمل المخالفات والأخطاء إضافة إلى العقوبات التأديبية التي قد تصل إلى شطب العضوية من سجلات النقابة.
وشدد، على أن مهنة الطب تتمتع بقدسية خاصة اكتسبتها عبر الزمن وتحظى باحترام كبير من المرضى والمجتمع، مؤكدا أن أي محاولة لانتحال شخصية أحد مقدمي الخدمة الصحية تمثل انتهاكا صارخا لهذه الثقة.
وأضاف، إن هذه الصفة تمنح صاحبها مركزا قانونيا وصلاحيات محددة بموجب القوانين النافذة، مثل قانوني الصحة العامة ونقابة الأطباء، وأن انتحال الشخصية يعد خرقا لهذه المنظومة القانونية ويجب أن يخضع مرتكبه لكافة أشكال التحقيق وأقصى العقوبات.
وأشار إلى أن خطورة هذه الجريمة تتفاقم إذا ترتب عليها أضرار جسدية، حيث يلزم مرتكبها بدفع التعويضات المناسبة التي يقدرها القضاء.
وأكد، أن القضاء هو الجهة المخولة بتقدير حجم الأضرار والتعويضات، مشددا على أن هذه الممارسات وإن كانت محدودة في الأردن، إلا أنها موجودة ولا يمكن إنكارها، ما يستدعي التعامل معها بحزم لحماية المرضى وصون هيبة المهنة.

(الغد - محمد الكيالي)