أخبار اليوم – سارة الرفاعي - قال الخبير التربوي نور الدين نديم إن اعتماد وزارة التربية والتعليم للعقد الموحد الإلكتروني اعتبارًا من العام الدراسي 2025–2026 يمثل خطوة تنظيمية مهمة في قطاع التعليم الخاص، مؤكدًا أن هذا القرار جاء بالتنسيق مع نقابة العاملين في التعليم الخاص ونقابة أصحاب المدارس الخاصة، بهدف ضبط العلاقة التعاقدية بين العاملين والمدارس الخاصة وإنهاء العمل بالعقود الورقية التقليدية.
وأوضح نديم أن غياب جسم نقابي يمثل المعلمين في المدارس الخاصة جعل المسؤولية موزعة بين جهتين: وزارة العمل التي تعنى بالحقوق العمالية، ووزارة التربية والتعليم التي تعنى بالحقوق المهنية، مبينًا أن هذا التشظي في الإشراف أدى إلى ثغرات استغلها البعض للتحايل على حقوق العاملين داخل القطاع.
وبيّن أن العقد الموحد الإلكتروني تم إطلاقه عبر منصة معتمدة من وزارة التربية بصفتها الجهة المخوّلة بالإشراف على التعليم الخاص، وأن القرار يلزم المدارس بعدم قبول أي عقد ورقي بدءًا من العام الدراسي الحالي، ما يعني أن التعيينات لن تكون معتمدة ما لم تُسجّل عبر المنصة الجديدة.
وأشار نديم إلى أن التحدي الحقيقي ليس في صيغة العقد أو بنوده، بل في تطبيقه فعليًا على أرض الواقع، موضحًا أن الظروف الاقتصادية وارتفاع نسب البطالة والفقر تجعل الكثير من المعلمات يقبلن بممارسات غير قانونية خوفًا من فقدان فرصتهن في العمل.
وكشف عن وجود حالات يتم فيها تحويل الراتب كاملًا إلى حساب المعلمة كما ينص العقد، إلا أنه يتم لاحقًا إجبارها على تسليم جزء منه عبر المحاسب أو الإدارة، بحيث يصبح الراتب الفعلي أقل من الحد الأدنى للأجور، رغم أن الوثائق الرسمية تُظهر التزامًا كاملًا بالعقد. كما أشار إلى وجود حالات أخرى يتم خلالها توقيع المعلمات على "كمبيالات" مالية بهدف الضغط أو ضمان عدم المطالبة بالحقوق في حال الاستقالة أو الاعتراض.
وأضاف نديم أن العقد الموحد يضع الحد الأدنى من الحقوق، لكنه لا يعالج جميع الإشكاليات، مشيرًا إلى أن مقترحات سابقة دعت لتصنيف المدارس الخاصة بطريقة مشابهة لتصنيف الفنادق، بحيث تكون الرواتب مرتبطة بمستوى الخدمات والرسوم الدراسية والإمكانات المتوفرة، إلى جانب احتساب الأعباء المهنية والإدارية على المعلم، إلا أن هذا المقترح لم يتم تطبيقه أو دراسته بشكل رسمي حتى الآن.
وأكد أن الحد الأدنى للأجور لا يمكن اعتباره كافيًا لفتح بيت أو إعالة أسرة، لكنه يمثل الحد الأدنى المقبول لضمان حقوق العاملين في القطاع الخاص، مشددًا على ضرورة عدم النزول دونه أو التحايل عليه تحت أي شكل.
وختم نديم بالتأكيد على ضرورة تطوير العقد الموحد مستقبلًا، وتوحيد المرجعية تحت وزارة التربية والتعليم لتكون مسؤولة عن الحقوق المهنية والعمالية معًا، إضافة إلى وجود رقابة واضحة وصريحة لضمان تطبيق بنود العقد وحماية المعلمين والمعلمات، وفي الوقت نفسه توفير بيئة تشجع الاستثمار في التعليم الخاص وتحسين مستوى الخدمات، بما يخدم منظومة التعليم كاملة ويعزز جودة مخرجاتها.