من المستفيد الحقيقي من التطبيقات .. الكابتن أم شركة التطبيقات؟

mainThumb
من المستفيد الحقيقي من التطبيقات.. الكابتن أم شركة التطبيقات؟

22-11-2025 11:58 AM

printIcon

أخبار اليوم - الصورة اليوم ليست كما كانت عند إطلاق خدمات النقل عبر التطبيقات في الأردن. وقتها بدا الأمر وكأنه فرصة اقتصادية ذهبية: مرونة في ساعات العمل، دخل إضافي، واستقلالية بعيدة عن بيروقراطية الوظائف. لكن الواقع الذي يعيشه السائقون اليوم مختلف تمامًا، وأقرب ما يكون إلى دائرة استنزاف ممنهجة لا تنتج استقرارًا ولا كرامة ولا أمانًا ماليًا.

الكابتن اليوم يعمل أكثر من اثنتي عشرة ساعة يوميًا، ليس طمعًا بدخل مرتفع، بل فقط ليغطي سلسلة طويلة من الالتزامات المتراكمة: أقساط تمويل بفوائد عالية، نسب اقتطاع من شركات التطبيقات، أسعار الوقود، الصيانة، التأمين، الغرامات، والاهتلاك المتسارع الذي يفقد السيارة ثلثي قيمتها خلال سنوات قليلة من الاستخدام الشاق.

ومن المفارقة أن الكابتن، رغم هذا الجهد الطويل، يبقى الحلقة الأضعف في المنظومة. فتعطل لسبب بسيط، أو عجز عن الدفع لشهر واحد، كفيل بأن تتحرك البنوك وشركات التمويل لحجز المركبة، بينما لا يوجد أي نظام ضمان أو حماية اجتماعية يعوّضه عن المرض أو التوقف القسري عن العمل. النتيجة واحدة: خسارة متراكمة تلبس شكل فرصة اقتصادية.

هذا الواقع يقود إلى أسئلة أكبر من دخل فردي أو قطاع خدماتي. هل يمكن لقطاع يعتمد على آلاف الأردنيين أن يبقى بلا حماية تشريعية؟ وهل يُترك السوق مفتوحًا بهذا الشكل بحيث يربح الممول وشركة التطبيقات بينما يتحمل الكابتن المخاطر والتكاليف وحده؟ وهل من المنطقي أن يعمل إنسان لساعات مرهقة ليحقق ربحًا لا يكفي الحد الأدنى من المعيشة، بينما كل ما حوله يزداد تكلفة؟

الشقّ الآخر في النقاش يتمثل في الدور التنظيمي المطلوب. فهل تحتاج الحكومة إلى مراجعة شاملة للرسوم، ونسب الاقتطاع، وشروط الترخيص، والعمر التشغيلي للمركبات؟ أم المطلوب إطار يحفظ التوازن بين أطراف القطاع، بحيث لا تتحول فكرة "المرونة" إلى عبء اقتصادي واجتماعي؟

في النهاية، هذه ليست قصة سيارة أو تطبيق أو فائدة مصرفية. هي قصة بشر يعملون لساعات طويلة دون ضمان صحي أو اجتماعي أو حتى تقدير حقيقي لعملهم. وهي أيضًا مرآة لواقع اقتصادي أكبر، يكشف أن كثيرين لم يعودوا يبحثون عن الثراء… بل فقط عن حياة لا تقوم بالكامل على دفع الأقساط.

يبقى السؤال مفتوحًا:
هل يستمر القطاع على هذا الشكل، أم أن الوقت حان لوقفة حقيقية تُعيد ترتيب العلاقة بين الكابتن، وشركات التطبيقات، والحكومة… قبل أن تتحول هذه الخدمة من خيار للنقل، إلى معضلة اجتماعية واقتصادية أوسع؟