أخبار اليوم – الأرض الأردنية تحمل تاريخًا طويلًا مع شجرة الزيتون. هذه الأرض تعرف جذورها جيدًا، وتمنحها ما تحتاجه من تربة، وطقس، وارتفاع، وصبر. الجبال الممتدة من عجلون وجرش إلى السلط والكرك والطفيلة أثبتت قدرتها على إنتاج زيتٍ نقي وعالي الجودة، يعكس طبيعة المكان وخصوصيته.
الزيتون في الأردن جزء من الحياة اليومية، وهو حاضر في البيوت، والذاكرة، والأغاني الريفية القديمة. هذا الحضور الاجتماعي يمنح الشجرة قيمة إضافية، ويجعل التعامل معها فرصة تنموية واسعة، لا ارتباطًا موسميًا محدودًا بوقت القطاف فقط. توسعة زراعة الزيتون تمنح القرى حياة جديدة، وتفتح أبوابًا للعمل للشباب، وتدعم بقاء الناس قرب أرضهم بدل الهجرة نحو المدن.
البعد الاقتصادي للزيتون واضح. جودة الزيت الأردني قادرة على المنافسة في الأسواق الإقليمية والعالمية، ومع ذلك الإنتاج المتاح اليوم لا يواكب الطلب ولا يتحول إلى صادرات تعكس القيمة الحقيقية له. إنشاء مصانع متخصصة، وتطوير أساليب ري حديثة، وتبني خطوط إنتاج وتعبئة ومعايير دولية في التسويق يمنح هذا القطاع قوة إضافية، ويحوّله إلى مورد اقتصادي مستقر داخل منظومة الدخل الوطني.
وفي جانب الأمن الغذائي، شجرة الزيتون تمنح إنتاجًا متواصلًا عبر سنوات طويلة. وجودها في الأرض يعزز الاستقرار الغذائي، ويرفع نسبة الاعتماد على الإنتاج المحلي، ويخفف التحديات الناتجة عن السوق العالمية المتقلبة.
في مرحلة المقارنة تظهر الحقيقة بشكل أوضح: ثمن برميل النفط يقارب خمسين دينارًا، وثمن برميل زيت الزيتون يصل إلى ألف ومئة وستين دينارًا. هذه الأرقام تشير إلى قيمة اقتصادية جاهزة تنتظر مشروعًا وطنيًا يضع الزيتون في مكانه الصحيح.
المطلوب رؤية واضحة تنطلق من الأرض الأردنية وتستثمر إمكاناتها. رؤية تعتمد زيادة المساحات الزراعية، وتحسين جودة الإنتاج، وفتح أسواق خارجية، وتحقيق وفرة داخل السوق المحلي. مشروعٌ بهذا الاتجاه يمنح الأردن قطاعًا زراعيًا قويًا، وفرص عمل واسعة، ودخلًا مستدامًا، واقتصادًا أقل عرضة للاضطراب.
السؤال الآن مفتوح: الوقت مناسب والفرصة موجودة، فمتى نبدأ بزرع ملايين الأشجار في الجبال، ونحوّل الزيتون من تقليد سنوي إلى مورد وطني ثابت؟