لانا العقاد… فتاة وُلِدت بإعاقة بصرية تهزم الحرب وتنتصر للضوء

mainThumb
لانا العقاد… فتاة وُلِدت بإعاقة بصرية تهزم الحرب وتنتصر للضوء

02-12-2025 10:34 AM

printIcon

أخبار اليوم - في إحدى زوايا مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، حيث ما تزال آثار حربٍ طويلة تُلقي بظلالها الثقيلة على تفاصيل الحياة، تبرز قصة استثنائية لفتاة في العشرين من عمرها استطاعت أن تحوّل الألم إلى قوة، والظروف المستحيلة إلى منصة للنجاح.

لانا العقاد، الفتاة التي وُلِدت بإعاقة بصرية وراثية تزداد حدّة كلما تقدّمت في العمر، وقفت في وجه حربٍ استمرّت عامين، وخسائر إنسانية موجعة، ونزوحٍ متكرر، وجوعٍ ترك أثره على جسدها… لكنها خرجت من بين الركام حاملةً لقب الأولى على ذوي الهمم في قطاع غزة بمعدل 97% في الثانوية العامة.

فقدان تدريجي للبصر

بدأت رحلة لانا مع الإعاقة منذ طفولتها؛ كانت ترى جزئياً في سنواتها الأولى، لكن مع مرور الوقت أخذ نور عينيها يخفت شيئاً فشيئاً بسبب عامل وراثي مزمن.

تقول لـ "فلسطين أون لاين": "كلما كبرتُ، كان بصري يختفي أكثر… لكن داخلي كان يكبر معه إصرار أنني لن أتوقف."

عندما وصلت إلى المرحلة الثانوية، كان فقدانها للبصر قد حرمها من القراءة، فلم تعد قادرة على الاطلاع على الكتب المدرسية أو متابعة الشرح المكتوب، ما جعل الدراسة التقليدية شبه مستحيلة.

لم تنتظر لانا أن تُفتح لها الأبواب، بل دفعتها عزيمتها للبحث عن بدائل؛ فحصلت على تسجيلات صوتية للمنهاج الفلسطيني من رام الله، وبدأت الاستماع إليها لساعات طويلة، حتى في اللحظات التي كان فيها القصف يهزّ المكان من حولها.

على مدار عامين، كانت لانا تقاوم ظروفاً لا تُحتمل؛ فقدت منزلها خلال النزوح، ونامت في أماكن مكتظة لا تصلح للعيش، وانقطعت عنها الكهرباء والإنترنت لأيام وشهور طويلة، الأمر الذي كان يهدّد قدرتها على الوصول إلى التسجيلات الصوتية التي تعتمد عليها اعتماداً كاملاً.

وتقول لانا: "لم يكن لديّ رفاهية انتظار تحسّن الظروف، كنتُ أدرس في أي مكان أستطيع فيه الاستماع إلى التسجيلات. الحرب أخذت منا كل شيء… لكنني كنت أخاف أن تأخذ مستقبلي أيضاً."

الضربة الأشد

لكن الضربة الأكبر لم تكن الدمار ولا النزوح… بل فقدان والدها في الشهرين الأولين للحرب. كان والدها داعمها الأول، واليد التي تمسك بها في كل خطواتها، والرجل الذي آمن بقدرتها على التفوق مهما كانت الإعاقة قاسية.

رحيله ترك في قلبها فجوة لا تُسدّ، لكنها حوّلت هذا الألم إلى قوة. أصبح نجاحها وعداً قطعته له. تقول: "كنت أسمع صوته في كل مرة أتعب فيها… كان يقول لي دائماً: أنتِ قادرة يا لانا. حين رحل، شعرت أنني يجب أن أقاتل مرتين: مرة لأجلي، ومرة لأجله."

وحين صدرت نتائج الثانوية العامة، تصدّر اسم لانا محمود فوزي العقاد قائمة الطلبة ذوي الهمم في قطاع غزة. لم يكن 97% مجرد رقم… بل شهادة انتصار، وإعلاناً بأن الضوء يمكن أن يشق طريقه حتى في أحلك الظروف.

أحلام أكبر من الدمار

اليوم تسعى لانا للتسجيل في الجامعة، وتفكّر في دراسة اللغة العربية أو الشريعة الإسلامية. حلمها لا يتوقف عند البكالوريوس، بل تطمح إلى إكمال الماجستير والدكتوراه، وأن تصبح يوماً ما أكاديمية أو باحثة قادرة على خدمة مجتمعها، وخاصة فئة ذوي الهمم، التي تقول عنها: "نحن لسنا ضعفاء… نحن فقط نحتاج إلى بيئة عادلة."

قصة لانا العقاد ليست مجرد حكاية فتاة فقدت بصرها ونجحت في الثانوية العامة؛ إنها قصة وطنٍ كامل يبحث عن الضوء، وينهض رغم الدمار، ويحمل في أحضانه جيلاً قادراً على تحويل الجراح إلى نجاحات.

المصدر / فلسطين أون لاين