أخبار اليوم- عواد الفالح – بدا اليوم الأول لمناقشة مشروع الموازنة العامة تحت القبة وكأنه امتحان أخلاقي قبل أن يكون جلسة تشريعية. النواب وقفوا واحدًا تلو الآخر أمام ميكروفون القاعة، بعضهم حاملًا خطابًا عالي النبرة، وآخرون اكتفوا برسائل قصيرة أشبه بالتنبيه أو تسجيل موقف. لكن ما أثار اهتمام الأردنيين لم يكن ما قيل فقط، بل سؤال ظل يتردّد خارج البرلمان: هل هذه الكلمات ستصبح قرارًا أم أنها ضمن “موسم الشعبويات” المعتاد؟

ردود الفعل الشعبية انعكست بجملة واضحة قالها أحد الأردنيين: “نسمع جعجعة ولا نرى طحناً”. فيما رأى آخرون أن بعض النواب “يفصمون الحديد” بينما لا يكلف الآخرون أنفسهم عناء الاستماع إلى ما يقال. منهم من بالغ في الإشادة ووصف النواب الغاضبين بأنهم “أسود تحمي الوطن”، وآخر ردّ بسخرية قائلاً: “إذا ما في زيادة رواتب ارفضوا الموازنة… السؤال الذي لا يجيبون عليه”.

اللافت أن الحديث الدائر في المجالس، وعلى ألسنة المواطنين، اختصر جوهر الجلسة بتساؤلين رئيسيين: هل تؤمن الدولة فعلاً بمعارضة قوية داخل البرلمان؟ وهل يمتلك النواب القدرة لا الإرادة فقط؟ أحد الأردنيين وضع المسألة بوضوح حين قال: “لو كانوا صادقين يجبروا الحكومة على توفير فرص عمل وخفض الأسعار”. بينما شكك آخرون في جدوى الخطابات المتحمسة معتبرين أنها لا تتجاوز “بيع كلام وكسب عواطف”.

في المقابل، لم يخل المشهد من تقدير واضح لبعض النواب الذين تحدّثوا بلغة فصيحة وقضايا ملموسة. هؤلاء اعتبر البعض كلماتهم “أصيلة وتعبر عن وجع الناس”، فيما رأى آخرون أنها شجاعة تُحترم وإن لم يتغير الواقع بعدها.

السؤال الأكثر تكرارًا على لسان الأردنيين كان بسيطًا ومباشرًا: لماذا لا يصوت النواب ضدّ الموازنة إذا كانت لا تستجيب لمطالب الناس؟ لكن الإجابة ظلت عالقة في الجلسة دون ردّ.

النتيجة؟ اليوم الأول لمناقشة الموازنة قدّم صورة صادقة عن المزاج الشعبي: تعبٌ من الكلام، انتظار لفعلٍ لم يأتِ بعد، وعيٌ بأن الوقت لم يعد يسمح بالمجاملات، ورغبة صادقة بأن تتحول الخطابات إلى إرادة سياسية لا مجرد فرجة جديدة تحت القبة.

ويبقى السؤال الذي يخرج به الأردنيون من تحت القبة إلى الشارع: هل ما سمعوه مقدمة لمواجهة حقيقية مع الحكومة أم مجرد استعراض عابر قبل التصويت؟