لماذا لا يشعر المواطن فعليًا بما تُعلنه الحكومة؟

mainThumb
لماذا لا يشعر المواطن فعليًا بما تُعلنه الحكومة؟

24-12-2025 05:29 PM

printIcon


أخبار اليوم - يتنامى لدى شريحة واسعة من المواطنين شعور ثابت بأن القرارات الحكومية، مهما تعددت وتنوّعت، لا تترك أثرًا مباشرًا في حياتهم اليومية، وهو شعور لم يعد عابرًا أو انفعاليًا، بل تحوّل إلى قناعة عامة تتغذى من تجربة طويلة مع السياسات العامة.

جوهر هذه القناعة يرتبط بفكرة أساسية مفادها أن القرار، كي يكون ذا معنى، يجب أن يُقاس بأثره المعيشي لا بصيغته القانونية أو أهدافه المعلنة. المواطن لا يتعامل مع القرار كنص أو كإجراء إداري، بل كعامل يؤثر على قدرته على العيش والاستمرار، وحين لا يلمس هذا الأثر، تتراجع قيمة القرار مهما كانت نواياه أو مبرراته.

يلاحظ مراقبون أن فجوة الإحساس تنشأ عندما تُصاغ القرارات من منطلقات مالية أو تنظيمية ضيقة، دون أن تُربط بشكل واضح بواقع الناس اليومي. في هذه الحالة، يبدو القرار منطقيًا داخل المؤسسات، لكنه يفقد معناه خارجها، لأن لغة الأرقام والتوازنات لا تلتقي مع لغة الدخل المحدود والالتزامات المتراكمة.

كما يسهم تراكم القرارات غير الملموسة في خلق حالة من الإرهاق المجتمعي، حيث يفقد المواطن قدرته على التفاعل الإيجابي، ويتعامل مع أي إعلان جديد بنوع من اللامبالاة أو الشك المسبق. ومع الوقت، تتحول القرارات من أدوات إدارة إلى أصوات خلفية، تُسمع ولا تُنتظر، وتُعلن دون أن تُراهن عليها الناس.

ويشير مختصون إلى أن الإشكالية لا تكمن في غياب القرارات، بل في غياب الإحساس بها، وهو فرق جوهري. فالسياسة العامة الناجحة لا تُقاس بعدد ما يُقرّ، بل بمدى اقترابه من حياة المواطن، وقدرته على تحسينها أو تخفيف أعبائها، ولو بخطوات صغيرة لكنها واضحة.

في هذا السياق، تتشكل معادلة بسيطة في وعي الناس: القرار الذي لا ينعكس على كلفة المعيشة، ولا يخفف ضغط الحياة، ولا يمنح شعورًا بالاستقرار، يبقى قرارًا نظريًا، مهما كانت دوافعه أو غايته. ولهذا، فإن استعادة ثقة المواطن تبدأ من إعادة تعريف معنى القرار نفسه، بوصفه فعلًا يمس الواقع لا مجرد إعلان يُضاف إلى أرشيف التصريحات.