الدكتورة نجوى القبيلات

mainThumb
الدكتورة نجوى القبيلات

02-02-2023 02:39 PM

printIcon

نتحدث عن الدكتورة نجوى القبيلات، التي حملت من ذيبان عنادها ومن القرى أصالتها ومن المدينة حداثتها؛ من دون أن تغفل عينها عن والديها اللذين مدّاها بأسباب النجاح مبكراً، وسط مجتمع يتوق للنجاح ويحتفي ب"نجوته" التي غدت فرساً أصيلة تخطت بذكائها حواجز الحياة برشاقة أصيلة.

ولادتها وطفولتها
ولدت الدكتورة نجوى قبيلات في العشرين من شهر آب عام 1971, في قرية مليح لأب أفنى زهرة شبابه بالسلك العسكري ولأم حفرت بيديها الصخر لتذلل العقبات أمام أبنائها, فكانت الأبنة الثانية لعائلتها تلاها 6 شقيقات و 5 أشقاء.

بالنسبة للدكتورة لم تكن طفولتها عادية كباقي جيلها, فمنذ صغرها اعتادت واخوتها على معاونة والديهم في رعي الأغنام، ومشاركة الأسرة في موسم حصاد الزرع, وفي عمر الشباب كان عليها ان تكون تاجرة في بقالة والدها بعد تقاعده.

تصف قبيلات صغرها بالتالي : "لم تكن طفولتنا قاسية بل العكس, كنا نجدها من أجمل المراحل وأمتعها, حتى أننا رغم صغر سننا كنا نصطاد الطيور بالفخ ونستمتع بشوائها مساء".

تعتبر القبيلات والديها مثلها الأعلى, فقد كان والدها صديقها المقرب ووالدتها المرأة المثالية المكافحة, التي كانت تملأ فترات غياب والدها في السلك العسكري -حينذاك- بمتابعة شؤون أبنائها الدراسية، والإرتقاء بفكرهم رغم أنها لم تتعلم؛ لعدم توفر وسائل التعليم في تلك الحقبة, إلا انها هي من ظلت تمدهم بالطاقة والنشاط للنجاح والاستمرارية.

درست قبيلات في مدرسة مليح الثانوية للبنات, حتى وصلت إلى المرحلة الثانوية لتنتقل بعدها إلى مدرسة مأدبا الثانوية الأولى, والتي تبعد عن مكان سكنها نحو 20 كيلو, لعدم توفر التخصص العلمي حينها في القرية, فكانت أول طالبة من القرية تنتقل لمدارس مأدبا لدراسة العلمي.


دراستها الجامعية
حصلت قبيلات على درجة البكالوريوس تخصص رياضيات عام (1993), في الجامعة الأردنية التي منحتها أيضاً درجة الدبلوم تخصص إدارة (2003), و درجة الماجستير تخصص قياس وتقويم (2006), ودرجة الدكتوراة تخصص قياس وتقويم أيضاً عام 2014.

عملت قبيلات معلمة لمادة الرياضيات للمرحلة الثانوية, ومسؤولة نشاطات لمدة 3 سنوات في مدرسة ذيبان الثانوية للبنات, ثم انتقلت لمدرسة مليح معلمة لسنوات سبع، قبل أن تعين بعدها مديرة لمدرسة "فلحة" لمدة عامين, ثم مديرة لمدرسة العالية الثانوية للبنات لمدة عام, وفي العام الذي تلاه تم تعيينها مديرة لمدرسة ذيبان.

نسجت نجوى المعلمة علاقة أخوة ممزوجة بالأمومة مع طالباتها, فكانت حريصة على تعليمهن وصقل قدراتهن, وكأنها تريد لهن التميز والاختلاف إلى جانب التمكين والتدريس، في انعكاس لقيم تربوية إنسانية لا تفصل مشاعر الأمومة عن طبشورة المعلمة.

في مشوارها العملي تخطت نجوى المألوف وغيرت المعادلات في كل مكانٍ حلّت به, متقاسمة الرجال مشقة الحياة, بإصرارٍ وخطٍ عريضٍ يثبت أن المرأة قادرة على حمل المسؤولية, وكأنها فتوحات زمانها لبنات جنسها.

عينت قبيلات مشرفة لمبحث الرياضيات في لواء ذيبان, ثم رئيسة قسم إشراف في مديرية تربية لواء ذيبان, وبعد ثماني سنوات تم تعينها مديرة إدارية ومالية في تربية مأدبا, تسلمت بعدها منصب مدير تربية لواء ذيبان, ومن ثم مدير تربية للواء الجيزة.

انتقلت الدكتورة نجوى إلى وزارة التربية والتعليم في العاصمة عمان فعملت مديرة لادارة التخطيط والبحث التربوي, إلى أن تم تكليفها أميناً عاماً لوزارة التربية والتعليم بالوكالة, ثم صدورقراروزاري بتعيينها أميناً عاماً للتربية والتعليم؛ لتكون بذلك أول سيدة تتسلم منصب الأمين العام لوزارة التربية والتعليم.

أبي مستودع أسراري
كانت علاقة الدكتورة بأبيها علاقة متداخلة، ولا يستطيع احد فك "شيفرتها"، فهو الأب والأخ والصديق وصندوق أسرارها المقفل, اعتمد عليها بشكل كبير لشخصيتها القيادية منذ الصغر, وافتخر بنجاحها حتى انه خرج معها لتسجيلها في الجامعة، وهو يحدث كل معارفه في القرية بفخرٍ عن تسجيل ابنته, مسانداً لها في مراحلها كافة بدعمٍ وثبات.

ما لم تقله قبيلات هو أنها أدركت حقيقة الأشياء قبل ان تركض سريعا في "ماراثون" حياتها العملية لتصل إلى كرسي الأمانة, معتمدة على نفسها ومهاراتها وكفاءاتها وخبراتها .

تعد الدكتورة نجوى قبيلات بأنها ستحمل أمانة ابناء الأردن على عاتقها بكل وفاء, وستكون اماً للجميع كما حرصت على توفير الخدمات التعليمية لابنائها في اسرتها, وستكون أشد حرصاً على تقديمها لأبناء الأردن.

الزواج والأبناء
بعد أن انهت القبيلات المرحلة الثانوية تقدم محمود القبيلات لخطبتها , وبعد استحسان الأهل لأخلاقه الحميدة وقبولها له, عقدت قرانها لمدة أربعة أعوام, ثم تزوجت بعد أن انهت شهادة البكالوريوس عام (1993).
لم يتعارض زواجها مع طموحها بل على العكس, وجدت بزواجها فرصة جديدة للدعم والمساندة، إذ ظل زوجها على الدوام محطة مضيئة وداعما لها، لا يكل ولا يمل عن دعمها وتوفير سبل ومقومات التميز والنجاح لشريكة دربه، فرزقت بثلاثة ابناء، هم؛ مثنى ومؤمن وميسان، يشقون طريقهم بإصرار نحو الحياة.

لم تكن العائلة حاجزاً في العمل والدراسة, فالدكتورة كانت كمثيلاتها من السيدات المتزوجات العاملات, تقول :" كنت أعد طعام الغداء صباحاً قبل ذهابي للعمل, وبعد عودتي أقوم بتجهيز المائدة لأبنائي واتوجه للجامعة".

تمتلك قبيلات الأنثى مواهب ورغبات عديدة كباقي النساء, فتطرز أثواب مناسباتها الخاصة بيدها, وتعشق سنارة الصوف, كما تهوى البيئة وزراعة الشتلات والأعشاب في حديقة منزلها.

تفتخر الدكتورة اليوم بما وصلت إليه من إنجازات وبدعم النساء والمجتمع لها, معتبرينها قدوتهم القروية الكبيرة.