أكثر من 205 مليون امرأة في الساحل الأفريقي لم يلمسن بعد شاشات الإنترنت المحمولة

mainThumb
أكثر من 205 مليون امرأة في الساحل الأفريقي لم يلمسن بعد شاشات الإنترنت المحمولة

15-06-2025 01:19 PM

printIcon

أخبار اليوم - يبدو أن سيدات أفريقيا جنوب الصحراء قد بدأن بالفعل في تقليص المسافة الرقمية التي تفصلهن عن الرجال: فبحسب تقرير حديث صادر عن الرابطة العالمية لمشغلي الهاتف المحمول «GSM»، تقلص «الفارق الرقمي بين الجنسين» في استخدام الإنترنت المحمول إلى 29 في المئة عام 2024، بعد أن كان 36 في المئة قبل عامين فقط. بعبارة أخرى، النساء يقلن للإنترنت: «انتظرونا، نحن قادمات… لكن بخطى محسوبة ومحفظة شبه فارغة!»

ورغم هذا التقدم، لا تزال الصورة أقل وردية مما تبدو؛ إذ أن أكثر من205 مليون امرأة في المنطقة لم يلمسن بعد شاشات الإنترنت المحمولة، أي ما يعادل 61 في المئة من إجمالي النساء البالغات هناك. أما السبب؟ فالهاتف الذكي- ملك التكنولوجيا- لا يزال بالنسبة للكثيرات حلما ذكيًا بعيد المنال.

في الواقع، لا تملك سوى 33 في المئة من النساء في المنطقة هاتفًا ذكيًا، بينما تبلغ النسبة في باقي الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط 61 في المئة والأسوأ، أن ثمن الهاتف الذكي بالنسبة للمرأة قد يعادل24 في المئة من دخلها الشهري، بينما يدفع الرجل نصف هذا تقريبًا. إذا كان الهاتف ذكيًا، فالمعادلة هنا «ذكية بشكل غير عادل».

لكن الطريف المُحزن هو أن النساء لا يستخدمن الإنترنت حتى بعد امتلاكهن للهاتف بنفس كثافة الرجال، وذلك لأسباب مثل غلاء تكلفة الخدمة، وضعف التغطية، والأهم من ذلك: الأعراف الاجتماعية، والتحذيرات العائلية، وانعدام الخصوصية، والخوف من المتحرشين الرقميين والمتصيدين المتخفيين خلف الشاشات.

والحل؟

تنصح جمعية GSMA بأخذ خطوات «ذكية» فعلًا: دعم مادي للهواتف، تمويل مبتكر، وتحالفات بين القطاعين العام والخاص لتعليم النساء المهارات الرقمية وتمكينهن.

فتمكين النساء رقميًا ليس فقط «مسألة عدالة»، بل استثمار ذكي يمكنه أن يُضيف1.3 تريليون دولار لاقتصادات هذه الدول بحلول 2030. باختصار، الإنترنت للنساء ليس رفاهية، بل رافعة اقتصادية تنتظر فقط من يحرّكها!
وأشار تقرير الرابطة إلى أن الفجوة بين النساء والرجال في استخدام الإنترنت المحمول بالمنطقة قد تراجعت للعام الثاني على التوالي، من 36 في المئة في عام 2022 إلى 29 في المئة في عام 2024، ويُعزى ذلك بالأساس إلى ارتفاع نسبة استخدام النساء من 36 في المئة إلى 39 في المئة، بينما بقيت نسبة استخدام الرجال مستقرة عند 54 في المئة. ورغم هذا التحسن، لا تزال التحديات كبيرة، حيث تُظهر الأرقام أن نحو 205 ملايين امرأة، أي ما يعادل 61 في المئة من النساء البالغات في المنطقة، لا يزلن غير متصلات بالإنترنت المحمول.

وعلى المستوى العالمي، لا تزال الفجوة قائمة بقوة في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، حيث تُحرم نحو 885 مليون امرأة من الوصول إلى الإنترنت، وأكثر من نصف هؤلاء يعشن في أفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا.


ويبرز التقرير عددًا من العوائق التي تحول دون وصول النساء إلى الإنترنت المحمول، في مقدمتها العامل المالي؛ إذ أن ثمن الهاتف الذكي المخصص للمبتدئين يُمثل حوالي 24 في المئة من الدخل الشهري للمرأة، مقارنة بـ12 في المئة فقط بالنسبة للرجل، ما يجعله عبئًا اقتصاديًا يصعب تحمّله. كما يُشكّل ضعف المهارات الرقمية عقبة حقيقية، إذ تُعد النساء أكثر عرضة بـ1.6 مرة من الرجال لاعتبار نقص المهارات الرقمية مانعًا أساسياً لاستخدام الإنترنت.

إلى جانب ذلك، تلعب الأعراف الاجتماعية دورًا كبيرًا، خصوصًا في المناطق الريفية، حيث تقل احتمالات امتلاك النساء لهاتف محمول بنسبة 22 في المئة مقارنة بالرجال.

ومن بين العوائق الأبرز أيضًا، المخاوف المرتبطة بالأمان الرقمي؛ فقد أظهر التقرير أن 57 في المئة من رائدات الأعمال تعرضن لشكل من أشكال التحرش الإلكتروني، وهو ما يدفع العديد من النساء للعزوف عن الانخراط في الفضاء الرقمي.

وفي ضوء هذه التحديات، دعت GSMA إلى تبني مجموعة من الإجراءات للتقليص من الفجوة الرقمية، أبرزها تقديم دعم مادي مباشر لاقتناء الهواتف الذكية، وإطلاق برامج محو الأمية الرقمية الموجهة للنساء، وتطوير سياسات عمومية تراعي خصوصياتهن الاجتماعية والثقافية، فضلًا عن تعزيز أدوات الحماية الرقمية.

واختتم التقرير بالتأكيد أن سد الفجوة الرقمية بين الجنسين لا يُعد فقط خطوة نحو الإنصاف الاجتماعي، بل يشكّل فرصة اقتصادية واعدة؛ إذ قد يُسهم في إضافة 1300 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي للدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط بحلول عام 2030، إلى جانب تحقيق إيرادات إضافية تقدر بـ230 مليار دولار لصناعة الاتصالات.