"اللياقة الاجتماعية الإيجابية" هي السبب الاول للسعادة والصحة

mainThumb

17-02-2023 10:18 AM

printIcon

دراسة استمرت لمدة 85 عامًا تتوصل إلى أن العلاقات الاجتماعية الإيجابية، وليس الثروات ولا المناصب، هي التي تجلب السعادة وتؤسس لعمر أطول بدون أمراض.
شرع باحثو جامعة هارڤارد في عام 1938، في دراسة استمرت لعقود لمعرفة: ما الذي يجعلنا سعداء في الحياة؟ وعكف الباحثون على جمع البيانات والسجلات الصحية من 724 مشاركًا من جميع أنحاء العالم وقاموا بطرح أسئلة مفصلة حول حياتهم كل عامين.

على عكس الاعتقاد الشائع، لم يكن سبب السعادة إنجازًا مهنيًا أو مالًا أو تمرينًا رياضيًا أو نظامًا غذائيًا صحيًا. إن النتيجة الأكثر اتساقًا، التي توصل لها علماء هارڤارد خلال 85 عامًا من الدراسة هي أن العلاقات الإيجابية هي ما تجعل الإنسان أكثر سعادة وصحة وتساعده على العيش لفترة أطول بدون الإصابة بالأمراض، بحسب ما نشره موقع شبكة CNBC الأميركية.

المفتاح الأول لحياة سعيدة

تؤثر العلاقات الاجتماعية على الإنسان جسديا، على سبيل المثال، يشعر بحالة من الانتعاش عندما يعتقد أن شخصًا ما قد فهمه حقًا أثناء محادثة جيدة أو يعاني من قلة النوم في فترة الفتنة الرومانسية. لذا، فإنه ينبغي التأكد من تمتع الشخص بعلاقات صحية ومتوازنة، ومن ثم فإنه يجب عليه ممارسة "اللياقة الاجتماعية".

يميل الكثيرون إلى الاعتقاد أنه بمجرد إقامة صداقات وعلاقات اجتماعية سطحية، فأنهم يعتنون بأنفسهم، لكن في واقع الأمر، إن الحياة الاجتماعية هي نظام حي، وهي بحاجة إلى ممارسة وتقييم للعلاقات الاجتماعية مع مراعاة الصدق مع النفس بشأن المكان الذي يتم تكريس الوقت فيه وما إذا كان الشخص يعتني ويعزز الروابط التي تساعده على الازدهار.

تقييم العلاقات الاجتماعية

بحسب ما ذكره بروفيسور روبرت ڤالدينچر، أستاذ الطب النفسي في كلية الطب بجامعة هارڤارد، ومدير دراسة هارڤارد لتنمية البالغين وبروفيسور مارك شولز، المدير المشارك لدراسة هارڤارد لتنمية البالغين، ومعالج ممارس مع تدريب ما بعد الدكتوراه في الصحة وعلم النفس الإكلينيكي في كلية الطب بجامعة هارڤارد، إن البشر مخلوقات اجتماعية، وهما مؤلفا كتاب "The Good Life"، إن "كل فرد في المجتمع لا يستطيع توفير كل ما يحتاجه لنفسه، إننا [كأفراد] بحاجة إلى الآخرين للتفاعل معنا ومساعدتنا". ويوجد في العلاقات الاجتماعية الحياتية سبعة أركان أساسية للدعم:

1. الأمن والأمان: بمن سيتصل الشخص إذا استيقظ خائفا في منتصف الليل؟ إلى من يتجه لطلب الدعم في لحظة الأزمة؟

2. التعلم والنمو: من الذي يشجع الشخص على تجربة أشياء جديدة، واغتنام الفرص، ومتابعة أهداف حياته؟

3. القرب العاطفي والثقة: من يعرف كل شيء (أو معظم الأشياء) عن الشخص؟ من يمكنه الاتصال به عندما يشعر بالضعف ويكون صادقًا مع ما يشعر به؟

4. تأكيد الهوية والخبرة المشتركة: من هو الإنسان الذي يشاركه الشخص العديد من الخبرات ويساعده على تقوية إحساسه بهويته؟

5. العلاقة العاطفية الرومانسية: هل يشعر المرء بالرضا عن مقدار الألفة الرومانسية في حياته الزوجية؟

6. مساعدة (معلوماتية وعملية): من الذي يلجأ إليه المرء إذا كان بحاجة إلى بعض الخبرة أو المساعدة في حل مشكلة عملية ربما تكون بسيطة، على سبيل المثال، غرس شجرة أو إصلاح خدمة WiFi في المنزل.

7. المرح والاسترخاء: من الشخص الذي يجعل المرء يضحك؟ بمن يتصل لمشاهدة فيلم أو الذهاب في رحلة على الطريق مع من يجعله يشعر بالتواصل والراحة؟

يمكن عمل جدول لتقييم العلاقات الاجتماعية وتحديد مصادر الدعم الإنساني والاجتماعي في حياة الشخص.
يتم وضع رمز زائد (+) في الأعمدة المناسبة أمام اسم الشخص إذا بدت العلاقة تضيف إلى هذا النوع من الدعم في حياته، ورمز ناقص (-) إذا كانت العلاقة تفتقر إلى هذا النوع من الدعم. وينوه الباحثان ڤالدينچر وشولز إلى أنه "لا بأس إذا لم تقدم جميع العلاقات - أو حتى معظمها - كل هذه الأنواع من الدعم".

يشرح الباحثان ڤالدينچر وشولز أن ملء خانات الجدول سيساعد الشخص على رسم خريطة لعلاقاته الاجتماعية وستكون أداة مساعدة على الرؤية تحت سطح عالمه الاجتماعي. ربما لن يشعر الشخص أن كل أنواع الدعم المذكورة مهمة بالنسبة له، ولكن يجب أن يضع في اعتباره أي منها مفيد، وأن يسأل نفسه ما إذا كان يحصل على الدعم الكافي في تلك المجالات.

وفي ضوء النتائج وبالنظر إلى الأعمدة الموجودة في الجدول أو الخريطة الاجتماعية المجردة، يمكن أن يدرك الشخص أن لديه الكثير من الأشخاص الذين يستمتع معهم، ولكن لا يوجد أحد يثق به، أو ربما لديه شخص واحد فقط يلجأ إليه للحصول على المساعدة، أو أن هذا الشخص الذي يعتبره أمرًا مفروغًا منه في الواقع يجعله يشعر بالأمن والأمان والاطمئنان.

تعميق العلاقات والروابط

في ختام التقرير، ينصح الباحثان بعدم الخوف من التواصل مع الأشخاص الموجودين في حياة الشخص، سواء كان الأمر يتعلق بسؤال مدروس أو الاحتياج إلى لحظة اهتمام مكرس، وأنه لم يفت الأوان بعد لتعميق الروابط التي تهم المرء وتعد ضرورية للاستمتاع بمزيد من السعادة والصحة النفسية والجسدية.